فأما إذا شهد عند الحاكم وهو يعلم أن الشهادة إذا أقيمت في مجلس القاضي تعلق الحكم بها، فالظاهر من إقامته علمه ببقاء وجوب ذلك الحق، وقصور علمه عن الأسباب المسقطة من الإبراء والمعارضات وغيرها، فكانت هذه القرينة أبلغ من قرينة الاسترعاء.
قال الشافعي - رحمة الله -: "إذا سمع الرجلان الرجل يقول: أشهد أن لفلان على فلان ألف درهم ولم يقل لهما: أشهدا على شهادتي، فليس لهما أن يشهدا بها، ولا للحاكم أن يقبلها، لأنه لم يسترعهما إياها، وقد يمكن أن يقول: له على فلان ألف وعده إياه".
مسألة (783): إذا سمع القاضي شهادة عدول، فلم يقض بها حتى فسقوا توقف في الإمضاء. وإن عموا، أو جنوا لم يتوقف في الإمضاء.
والفرق بين المسألتين: أن العمى إذا اعترض تيقناً أنه حدث وعرفنا أنه غير مستند إلى الزمان الماضي، فصار كموت الشهود، ولو ماتوا بين الإقامة والإمضاء وجب الإمضاء، والجنون كالعمى.
فأما الفسق، فليس كذلك، لأن الرجل إذا ارتكب ما يوجب التفسيق علم