وقال في كتاب الضمان: "لو أقام رجل البينة أنه باع من هذا الرجل, ومن رجل غائب عبدًا, وقبضاه منه بألف درهم, وكل واحد منهما كفيل ضامن لذلك عن صاحبه, قضي عليه, وعلى الغائب بذلك, وغرم الحاضر جميع الثمن, ورجع بالنصف على الغائب".
وموضع الحاجة إلى الفرق أنه في مسألة الإقرار قبل إقرار الشاهدين على أنفسهما, وإن لم يقبل على غيرهما, فحكم بحرية العبد إذا اشترياه.
وأما في مسألة الضمان فلم يؤاخذه بإقرار على نفسه؛ لأن الحاضر جحد وقال للخصم: ليس لك على شيء ولا على الغائب, وما ضمنت لك, قم لما قامت البينة على أنه ملتزم, وأن كل واحد منهما كفيل ضامن عن صاحبه, وغرم الحاضر جميع المال, جعل الشافعي - رحمه الله - له الرجوع على الغائب بما غرم من حصته بالضمان, بعد إقراره بأن الضمان لم يكن, ودعواه أن البينة كاذبة.
والفرق بين المسألتين: أن الشاهدين في كتاب الإقرار شهدا ابتداء بحرية العبد, وما قصدا بتلك الشهادة مدافعة في خصومة, وإنما قصدا إخبارًا عن عتق ثبت عندهما, فكان قولهما مقبولًا على أنفسهما ...