قلنا: لأن التبذير عين استهلاك المال, وأما الفسق, فربما يكون سببًا في الاستهلاك, ففصلنا بين عين الشيء وبين سببه. الفرق الثاني: أن الصبي إذا بلغ فاسقًا مصلحًا للمال فإصلاحه لماله غير موثوق به مع فسقه في عنفوانه شبابه, وزمان حداثة سنه وقرب عهده بصغره وقله تجاربه, فربما يتخيل لنا أنه حافظ للمال, ولا يكون حافظًا له ما دام مشتغلاً بالفسق ومعاشرة الفساق, وأما الرجل البالغ الكثير التجارب البصير بمنفعة المال, فالغالب أنه مع ما يتعاطى مع الفسق يشفق على المال, ولا يخدع عنه.
والذي يوضح هذا, كثرة الفساق الذين يحفظون أموالهم من الرجال الذين طعنوا في السن, وجربوا الأمور, وهذا في الأحداث بخلافه؛ لأنك قلما تجد غلامًا بخيلاً قريب العهد بالبلوغ يقبل على الفسق, ويدمن عليه, ثم يبقى مع ذلك ماله؛ فلذلك فصلنا بينهما/ (161/أ).