واقتفينا فِي تَرْتِيب هذَيْن الْكِتَابَيْنِ على أَسمَاء الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم آثَار من تقدم قبلنَا من الْأَئِمَّة المخرجين على الصَّحِيح، وَأَصْحَاب التَّعَالِيق، كَأبي بكر البرقاني وَأبي مَسْعُود الدِّمَشْقِي، وَخلف الوَاسِطِيّ، وَغَيرهم من الْأَئِمَّة، وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك ليتعجل النَّاظر فِي الْأَحَادِيث معرفَة من رَوَاهَا من الصَّحَابَة، وَمن رَوَاهَا عَنْهُم، وَمَعْرِفَة مَا يلْحق بهَا مِمَّا هُوَ على شَرط إسنادها، أَو مَا يَقع إِلَى الباحث عَنْهَا مِمَّا يُرِيد اعْتِبَاره من الصَّحِيح، فيقصد بِمَا يَقع لَهُ إِلَى الْمَجْمُوع من حَدِيث ذَلِك الصاحب، فَيقرب عَلَيْهِ الْمطلب الَّذِي قَصده، وَالْمذهب الَّذِي ذهب إِلَيْهِ، وَيكون أخف عَلَيْهِ من طلبه لذَلِك فِي أبوابٍ، رُبمَا أخرجه أَحدهمَا فِي غَيره.
وَبِمَا صدرنا بِهِ أَولا من النُّصُوص وبأمثالها، أيقنا أَن الْعلم الْمُقْتَدِي بِهِ فِي الدّين، والظهير المحتج بِهِ بَين المختصمين، هُوَ مَا صَحَّ عَمَّن صحت قَوَاعِد أَعْلَامه، وأنارت شَوَاهِد صدقه فِي إِعْلَامه، مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَلم نجد من الْأَئِمَّة الماضين - رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ - من أفْصح لنا فِي جَمِيع مَا جمعه بِالصِّحَّةِ إِلَّا هذَيْن الْإِمَامَيْنِ، وَإِن كَانَ من سواهُمَا من الْأَئِمَّة قد أفْصح بالتصحيح فِي بعض، فقد علل فِي بعض، فَوَجَبَ البدار إِلَى الِاشْتِغَال بالمجموع الْمَشْهُور على صِحَة جَمِيعه. فَإِن اتَّسع لباحث محسنٍ زمانٌ، تتبع مَا لم يخرجَاهُ من الْمُتُون اللاحقة بِشَرْط الصَّحِيح فِي سَائِر المجموعات والمنثورات، وميز ذَلِك إِن وجده فِيهَا، وَكَانَت لَهُ منةٌ فِي انتقاد ذَلِك مِنْهَا.
وَنَرْجُو أَن يكون مَا أتعبنا الخاطر فِيهِ، وأنفقنا الْعُمر عَلَيْهِ، وجمعنا أشتاته، وقربنا متباعده من ذَلِك، أخصر فِي المطالعة، وَأعجل للْحِفْظ وأسرع للتبيلغ،