فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَاننَا حَتَّى يأتينا رَبنَا، فَإِذا جَاءَ رَبنَا عَرفْنَاهُ، فيأتيهم الله فَيَقُول: أَنا ربكُم. فَيَقُولُونَ أَنْت رَبنَا. فيدعوهم، وَيضْرب الصِّرَاط بَين ظهراني جَهَنَّم، فَأَكُون أول من يجوز من الرُّسُل بأمته، وَلَا يتَكَلَّم يومئذٍ أحدٌ إِلَّا الرُّسُل، وَكَلَام الرُّسُل يومئذٍ: اللَّهُمَّ سلم سلم، وَفِي جَهَنَّم كلاليب مثل شوك السعدان، هَل رَأَيْتُمْ شوك السعدان؟ " قَالُوا: نعم. قَالَ: " فَإِنَّهَا مثل شوك السعدان، غير أَنه لَا يعلم قدر عظمها إِلَّا الله، تخطف النَّاس بأعمالهم، فَمنهمْ من يوبق بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُم من يخردل ثمَّ ينجو، حَتَّى إِذا أَرَادَ الله رَحْمَة من أَرَادَ من أهل النَّار أَمر الْمَلَائِكَة أَن يخرجُوا من كَانَ يعبد الله، فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السُّجُود، وَحرم الله على النَّار أَن تَأْكُل أثر السُّجُود، فَيخْرجُونَ من النَّار وَقد امتحشوا، فَيصب عَلَيْهِم مَاء الْحَيَاة فينبتون كَمَا تنْبت الْحبَّة فِي حميل السَّيْل، ثمَّ يفرغ الله مِنْهُ الْقصاص بَين الْعباد، وَيبقى رجلٌ بَين الْجنَّة وَالنَّار، وَهُوَ آخر أهل النَّار دُخُولا الْجنَّة، مقبلٌ بِوَجْهِهِ قبل النَّار فَيَقُول: يَا رب، اصرف وَجْهي عَن النَّار، قد قشبني رِيحهَا، وأحرقني ذكاؤها. فَيَقُول: هَل عَسَيْت إِن فعل ذَلِك أَن تسْأَل غير ذَلِك؟ فَيَقُول: لَا، وَعزَّتك، فيعطي الله مَا شَاءَ من عهدٍ وميثاقٍ، فَيصْرف الله وَجهه عَن النَّار، فَإِذا أقبل بِهِ على الْجنَّة رأى بهجتها سكت مَا شَاءَ الله أَن يسكت ثمَّ قَالَ: يَا رب، قدمني عِنْد بَاب الْجنَّة. فَيَقُول الله لَهُ: أَلَيْسَ قد أَعْطَيْت العهود والميثاق أَلا تسْأَل غير الَّذِي سَأَلت؟ فَيَقُول: يَا رب، لَا أكون أَشْقَى خلقك. فَيَقُول: فَمَا عَسَيْت أَن أَعْطَيْت ذَلِك أَن تسْأَل غَيره؟ فَيَقُول: لَا، وَعزَّتك لَا أَسأَلك غير هَذَا، فيعطي ربه مَا شَاءَ من عهدٍ وميثاق، فَيقدمهُ إِلَى بَاب الْجنَّة، فَإِذا بلغ بَابهَا، فَرَأى زهرتها وَمَا فِيهَا من النضرة وَالسُّرُور " وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد: " فَإِذا قَامَ إِلَى بَاب الْجنَّة انفقهت لَهُ الْجنَّة، فَرَأى مَا فِيهَا من الْحبرَة وَالسُّرُور، فَسكت مَا شَاءَ الله أَن