وَلَا بَاغِيا خَمْرًا وأسماع قَيْنَة ... وَلَا قائِلا فِي الشّعْر أَنِّي شَرِبْتُها
وَلَا غائرًا مَا لَمْ تُغِرْني حليلتي ... مَتَى مَا أغْرِ إِن لَمْ تُغْرِني ظَلَمتُها
فَقَالَ الْحَسَن رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: مَا رأيتُ كَالْيَوْمِ شعرًا أرصن، وَأمر لَهُ بصلَة لَمْ يقبلهَا، وَانْصَرف.
أكله كُلّه حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَرَفَة المهلبي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عتبَة الْبَصْرِيّ، قَالَ: قَدِمَ عمَارَة بْن عقيل الْبَصْرَة، فَأَتَاهُ النّاس يَكْتُبُونَ عَنْهُ، فَقَالَ لرجل حَضَره: أَنْشدني بَعْض مَا قَالَه الفرزدق لجدي، وَبَعض مَا قَالَ جدي للفرزدق، فأنشده قَول الفرزدق:
حلقتُ بربِّ مكَّة والْمُصَلّى ... وأعناقِ الهَدِيِّ مقلداتِ
لَقَدْ قَلّدْتُ جِلْفَ بَنِي كليبٍ ... قَلائِدَ فِي السَّوَالِفِ باقياتِ
قلائدَ لَيْسَ من ذهبٍ وَلَكِن ... قَلائِدَ من جَهَنَّمَ منضجاتِ
حَتَّى أَتَى عَلَيْهَا فَجعل يتلظّى، ثُمَّ قَالَ: هَات مَا قَالَه لَهُ أَبِي فأنشده:
تُعَلِّلُنا أُمامةُ بالْعِدَاتِ ... وَمَا يَشْفِي القلوبَ الصادياتِ
وَلَوْلَا حُبُّها وإله مُوسَى ... لَوَدَّعْتُ الصِّبَا والغانيات
إِذَا رَضِيَتْ رَضِيتُ وَتَعْتَرِيني ... إِذَا غَضبت كَهَيْضَاتِ السُّبَاتِ
وَمَا صبْري عَنِ الذَّلْفَاءِ إِلَّا ... كصبر الْحُوتِ عَنْ مَاء الْفُراتِ
ثُمَّ قَالَ: مَاذَا؟ قَدْ قطّع الفرزدقُ عِرْضه وَهُوَ فِي أُمَامَة؟ حَتَّى إِذَا بلغ إِلَى قَوْله:
رَجَوْتُم يَا بني وَقَبان مَوْتِي ... وأرجُو أَن تطولَ لَكُمْ حَيَاتي
إِذَا اجتمعُوا عَلَيَّ فخلِّ عَنْهُمْ ... وَعَن بازٍ يَصُكُّ حبارياتِ
إِذَا طَرِب الحمامُ حمامُ نجدٍ ... نَعَى جارَ الأقارع والْحُتاتِ
فَقَامَ يحجلُ طَرَبًا، وَقَالَ: أَكَلَهُ كُلَّهُ.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه بْن عَرَفَة: وَقد تمثل بِهَذَا الْبَيْت الْحَسَن بْن قَحْطبة حِين هَمّ أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور بالبيعة للمهدي أبي عَبْد اللَّه، فَدخل عَلَيْهِ الْحَسَن بْن قَحْطبة فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! مَا تنْتَظر بالفتى الْمُقْبل الْمُبَارك، جَدِّدْ لَهُ الْبيعَة فَمَا أحد ممتنعٌ وَرَاء هَذَا السِّتْر، ومَن أبَى فَهَذَا سَيفي، وَبلغ الْخَبَر عِيسَى بْن مُوسَى، فَقَالَ: وَالله لَئِن ظَفِرْت بِهِ لأشَرِب الْبَارِد، وَبلغ الْحَسَن بْن قَحْطَبَةَ الْخَبَر والمنصور فَدخل الْحَسَن ابْن قَحْطَبَةَ عَلَى الْمَنْصُور وَعِنْده عِيسَى بْن مُوسَى، فتمثل الْمَنْصُور بقول جرير: