فمما روينَاهُ من وَفَاة ليلى الأخيلية مَا حدّثنَاهُ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي الثَّلج، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْن بْن فهم، قَالَ: حَدثنِي حُسَيْن بْن فهم، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يحيى الأَزْدِيّ، عَنِ الْقُتَبي قَالَ: قَالَ تَوْبَة بْن الْحمير:
وَلَو أنَّ ليلى الأخيلية سَلَّمَتْ ... عَلَيَّ وَفَوْقِي جَنْدَلٌ وصفائحُ
لسلمتُ تَسْلِيم البشاشة أوزقا ... إِلَيْهَا صَدى من جَانب الْقَبْر صَائِحُ
وأُغْبَطُ من ليلَى بِمَا لَا أَنَالَهُ ... بَلَى كُلُّ مَا قَرَّتْ بِهِ العَيْن صَالِحُ
قَالَ: فَلَمّا قُتل تَوْبَة وأتى بَعْدَ مَقْتَله دهر، اجتاز زَوْجَ ليلى الأخيلية وَهِي مَعَه عَلَى قبر تَوْبَة، فَقَالَ لَهَا: يَا ليلى! هَذَا قبرُ تَوْبَة الَّذِي يَقُولُ:
لسلمتُ تَسْلِيم البشاشة أوزقا ... إِلَيْهَا صَدى من جَانب الْقَبْر صائحُ
نَادِيه حَتَّى يجيبك كَمَا زعم، قَالَتْ: اذهبْ عَنْكَ، فَأبى وألحّ وَحلف عَلَيْهَا أَن تنادِيَه، قَالَ: فاستعبرتْ ثُمَّ نادت: يَا تَوْبَة، قَالَ: ويزقُو ثَعْلَب كَانَ إِلَى جَانب الْقَبْر فَخرج يَصِيح ويفوت نَاقَة ليلى، فَسَقَطت عَنْهَا فارتاعت لذَلِك واحتملها زَوجهَا فَذهب بهَا فَكَانَ ذَلِكَ سَبَب مَوتهَا، عاشت أَيَّامًا ثُمَّ مَاتَت.
وَمن ذَلِكَ مَا حدّثنَاهُ مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاس الأَزْدِيّ قَالَ: خَرَجَ زَوْجَ ليلى الأخيلية بليلى، فمرَّا عَلَى قُبر تَوْبَة بْن الْحُمَيِّر، فَقَالَ لَهَا: يَا ليلى هَذَا الَّذِي يَقُولُ فِيك:
وَلَو أنَّ ليلى الأخيلية سَلَّمَتْ ... عَلَيَّ وَفَوْقِي تُرْبة وصفائحُ
لسلّمتُ تَسْلِيم البَشَاشَةِ أَو زَقا ... إِلَيْهَا صَدى من جَانب الْقَبْر صَائِحُ
فَقَالَ: أَنْت طالقٌ إنّ لَمْ تُسلَّمي عَلَيْهِ حَتَّى أنظر مَا يرد عَلَيْكَ، فَقَالَت: وَمَا دعَاك إِلَى عِظَام قَدْ رُمّت، قَالَ: هُوَ مَا سَمِعت، فدنت مِنْهُ، فَقَالَت: السّلامُ عَلَيْكَ يَا تَوْبَة فَتى الفتيان وَسيد الشّبان، قَالَ: وَكَانَت قَطَاة قَدْ عَشّشَتْ فِي جَانب الْقَبْر، فَلَمّا سَمِعت الصَّوْت نَفَرتْ وَخرجت تَقول: قطا قطا، فَلَمَّا سَمِعت ناقةُ ليلى الصوتَ نَفَرَتْ بليلى فَسَقَطت فاندقت عُنقها، فدفنت إِلَى جَانِبه.
وَمن أعجب مَا روى لَنَا فِي هَذِهِ الْقِصَّة، مَا حَدَّثَنَا أبي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد الْخُتلِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الحكم النَّسَائيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن زَيْدُ النَّيْسَابُوريّ: أنَّ ليلى الأخيلية بَعْدَ موت تَوْبَة تزوجت، ثُمَّ إِن زَوجهَا بَعْدَ ذَلِكَ مرّ بِقَبْر تَوْبَة وليلى مَعَه، فَقَالَ لَهَا: يَا ليلى تعرفين هَذَا الْقَبْر؟ فَقَالَت لَا، قَالَ: هَذَا قبر تَوْبَة فسلِّمي