الينبغي يحمَّق، وَكَانَ أحد الدَّوَاهِي والمجّان، وَكَانَ يتكسَّب بالحمق، فَلَمَّا قتل مُحَمَّد بن زبيدة وَصَارَ الأمرُ إِلَى الْمَأْمُون ذكر لَهُ أَبُو الينبغي فَأمر بإحضاره، فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ وسلَّم أمره بِالْجُلُوسِ فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ بعضُ الجلساء: قُم فَأَنْشد أَمِير الْمُؤمنِينَ، فاقل: يَا رقيع، أَمِير الْمُؤمنِينَ يَقُول لي: اجْلِسْ وَأَنت تقولُ لي قُم. فَقَالَ الْمَأْمُون: بَلِ اجْلِسْ وَأنْشد، فَقَالَ: نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَأَنْشَأَ يَقُول:
كُنْتُم أَنْتُم ثلاثهْ ... كلّكم نسلُ الملوكْ
ذهب الموتُ بواحدْ ... مَا أرى ذاكَ يَسُوكْ
فَقَالَ الْمَأْمُون: اغرب قبحك الله، وَأمر بِهِ فَأخْرج، ثُمَّ قَالَ: لَا وَالله مَا يَنْبَغِي أَن نخيِّبه فقد قَالَ على جُنُونه شَبِيها بِالْحَقِّ، وَلَا وَالله أعطوهُ عشرَة آلَاف فقبضها وَانْصَرف. وَهُوَ يَقُول: شَبيه بِالْحَقِّ، لَا وَالله إِلَّا الْحق كلّه.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأنبَاريّ قَالَ: حَدَّثَنِي أبي قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عُبَيْد عَنِ الْمَدَائِنِيِّ قَالَ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ: أَقْبَلَ سيلٌ بِالْيَمَنِ فِي وِلايَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَبْرَزَ لَنَا عَنْ بَابِ الْبَلَقِ، وَهُوَ الرُّخَامُ، فظننا كَنْزًا، فَكَتَبْنَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نُعْلِمُهُ ذَاكَ، فَكَتَبَ إِلَيْنَا لَا تُحَرِّكُوهُ حَتَّى يَقْدَمَ عَلَيْكُمْ أُمَنَاءٌ مِنْ قِبَلِي. قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ أُمَنَاؤُهُ فَتَحْنَاهُ فَإِذَا نَحْنُ برجلٍ عَلَى سريرٍ طُولُهُ سَبْعَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا وَعَلَيْهِ سَبْعُونَ حُلَّةً مَنْسُوجَةً بِالذَّهَبِ، وَفِي يَدِهِ الْيُمْنَى لوحٌ وَفِي يَدِهِ الْيُسْرَى مِحْجَنٌ، وَفِي اللَّوْحِ مَكْتُوبٌ مَا هَذِهِ تَرْجَمَتُهُ:
إِذَا خَانَ الأَمِيرُ وَكَاتِبَاهُ ... وَقَاضِي الأَرْضِ دَاهَنَ فِي الْقَضَاءِ
فويلٌ ثُمَّ وَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ ... لِقَاضِي الأَرْضِ مِنْ قَاضِي السَّمَاءِ
قَالَ: وَإِذَا عِنْدَ رَأْسِهِ سَيْفٌ أَشَدُّ خُضْرَةً مِنَ الْبَقْلَةِ، وَعَلَى السَّيْفِ مَكْتُوبٌ: هَذَا سَيْفُ هُودِ بْنِ عَادِ بْنِ إِرَمَ.
حَدَّثَنَا الْمُعَافَى قَالَ، حَدَّثَنَا أبي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ مُحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ الْوَرَّاقُ قَالَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَجَرِ بْنِ أُنَاسٍ السَّعْدِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ، عَنِ الأَعْرَابِيِّ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّوق، قَالَ: فَقعدَ إِلَى البززين فَاشْتَرَى سَرَاوِيلَ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، قَالَ: وَكَانَ لأَهْلِ السُّوقِ رجلٌ يَزِنُ بَيْنَهُمُ الدَّرَاهِمَ يُقَالُ لَهُ فُلانٌ الْوَزَّانُ، فَدَعَا بِهِ لِيَتَّزِنَ ثَمَنَ السَّرَاوِيلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اتَّزِنْ وَأَرْجِحْ "، قَالَ فَقَالَ الرَّجُلُ: إنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَحَدٍ فَمَنْ