والقفيل: الْيَابِس، والنحضُ: اللَّحْم.
وَلَا عدمت غبيةً بأرضكما ... تعيدُ غَمْرًا مَا انزوى من برضكا
الغبيةُ: الدفعةُ من الْمَطَر، الْغمر: المَاء الْكثير، الانزواء: التقبض، والبَرْضُ: المَاء الْقَلِيل؛ قَالَ: وَمن الانزواء قَول الْأَعْشَى:
يزيدُ يغضُّ الطرفَ دوني كأنَّما ... زَوَى بَين عَيْنَيْهِ عليَّ المحاجِمُ
فَلَا ينبسطْ من بينِ عينيكَ مَا انزوى ... وَلَا تَلْقَني إِلا وأنفُكَ راغم
وروى عَنِ النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " زُويتْ لي الأَرْض فرأيتُ مشارقها وَمَغَارِبهَا وسيبلغُ ملك أمّتي مَا زوي لي مِنْهَا ".
وَقَالَ الثَّانِي:
يَا راعي البُهْمِ سُقيتَ ريًّا ... وَلَا تزالُ تطَأ السُّميّا
والسمي: جمع السَّمَاء، وَالْمعْنَى الْمَطَر؛ حُكي عَن الْعَرَب: مَا زلنا نَطَأ السَّمَاء حَتَّى أَتَيْنَاكُم.
وسميَّها والتابعَ الوليّا ... لَا تعدمُ الدّهر حيًّا مرعيًّا
قَالَ القَاضِي: الوسميُّ: أول مطر الرّبيع، وَقيل: إنّما سمّي وسمياً لِأَنَّهُ يسم الأَرْض، والوليُّ المطرةُ الَّتِي تلِي الوسمي، والحيا: الْغَيْث، مَقْصُور، قَالَ ذُو الرمة:
خليليّ لَا تستيئسا واسألا الَّذِي ... لَهُ كلّ أمرٍ أَن يصوبَ ربيعُ
حيًّا لبلادٍ شيَّب المحلُ أَهلهَا ... وجبرًا لعظم فِي شظاه صدوعُ
يرْوى الْبَيْت الأول على وَجْهَيْن لَا تستيئسا من الْيَأْس وَلَا تستبئسا من التباؤس والتمسكن.
وَقَالَ الثَّالِث:
يَا ساقيَ البهم سقاكَ السَّاقي ... بكلِّ أحوَى مثجمٍ غيداقِ
حتَّى ترى ظواهر الْبراق ... ضاحكةَ الروضِ إِلَى الْإِشْرَاق
قَالَ القَاضِي: الأحوى: الْأَحْمَر الَّذِي يضْرب حمرته إِلَى السوَاد، والمثجم: الْمُقِيم، يُقَال: أثجم فَهُوَ مثجم إِذا أَقَامَ، وغيداق: كَثِير وَاسع من قَوْل الله تَعَالَى: " لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا " " الْجِنّ:16 " وغيداق فيعال مِنْهُ وَالْيَاء زَائِدَة، والبراق: جمع برقةٍ. فَقَالَ الْغُلَام:
حيّيتُم من فتيةٍ أزوالِ ... شمِّ الأنوفِ سادةٍ أقوالِ
أقوالٌ يصفهم بالسؤدد والرئاسة، ويُقالُ وأقيال وأقوال لموك الْيمن، وَقيل إِن القيلَ هُوَ من دون الْملك الْأَعْظَم، وقيلَ إِن أَصله من القَوْل فَمن هَاهُنَا قيل أَقْوَال، كَأَن أَصله قيِّل أَي فَيْعل، والأصلُ قَيْوِل، فقلبت الْوَاو يَاء وأدغمَ الحرفُ الأول فِي الثَّانِي فَصَارَ يَاء مُشَدّدَة. وخففوا فَقَالُوا: قَيل، وَمثله ميت وميّت وَأَصله مَيْوِت. وَكَانَ الفرّاء يَأْبَى أَن