طَالب عَلَيْهِ السَّلام: بايعتُ واللجُّ على قفيَّ. اللج: السَّيْف، وَقيل إِن طَلْحَة تزوج امْرَأَة هندية فتكلَّم بلغتهَا. وَقد اخْتلف البصريون والكوفيون من النُّحَاة فِي عِلّة الْفرق بَين عليَّ وإليَّ ولديَّ وَبَين هواي وقفاي وعصاي، وَبَيَان هَذَا واستقصاء مَا فِيهِ مرسوم فِي كتبنَا الْمُؤَلّفَة فِي الْقُرْآن. وَقَول اليزيدي " وَمَا لَهما فِي العالِمين نديد ": النديد " الندّ وَمِنْه قَول لبيد.

أحمدُ الله فَلَا ندَّ لَهُ ... بيدَيْهِ الخيرُ مَا شَاءَ فَعَلْ

والندّ والنديد فِيهِ لُغَات: ندّ ونديد ونديدة. فَمن الند والنديد قَول جرير يهجو عمر بن بن لَجأ:

أتيتم تجعلونَ إليَّ ندًّا ... وَمَا تيمٌ بِذِي حسبٍ نديدِ

وأمّا النديدة فَإِن الْهَاء ألحقت فِيهِ للْمُبَالَغَة، كقوللهم فِي الْمَدْح راوية وعلامة ونسابة، وَفِي الذَّم هلباجة وفَرُوقة وَمَلولة. وَزعم الْفراء أَن الهاءَ أُدْخِلَت فِي هَذَا يُرَاد بِهَا أَن الممدوح بِمنزلة الداهية والمذموم بِمنزلة الْبَهِيمَة. وَمن النديدة قَول الشَّاعِر:

لِئَلَّا يكون السندريُّ نديدتي ... وأتركَ أعماماً عُمُوما عماما

ويَجمع الند أندادًا، قَالَ الله عز وَجل " فَلا تَجْعَلُوا للَّه أنداد " " الْبَقَرَة: 31 " وَمِنْه قَول الْأَعْشَى ":

فَقَالَ تزيدونني تِسْعَة ... وَلَيْسَ بكفؤٍ لأندادِها

وَزعم بعضُ أهل اللُّغَة أَنَّهُ يُقال للضد ندّ أَيْضا وَأَنه من حُرُوف الأضداد.

منازعات اللغويين فِي مجْلِس الْمهْدي

وَقد كَانَت تجْرِي بَين الْكسَائي واليزيدي منازغةٌ وهفوات، ومماراة وخصومات، عِنْد الملاحاة فِي اللُّغَة، والمجادلة فِي مقاييس النَّحْو وأبواب الْعَرَبيَّة، وَمَا مِنْهُمَا إِلَّا مُتَقَدم وعلمٌ مبرز فِي مَعْرفَته، ذُو حظٍّ عَظِيم من علم الْقُرْآن وَإِعْرَابه، وَجُمْلَة النَّحْو وأبوابه، رَحْمَة الله علينا وَعَلَيْهِمَا وَبَرَكَاته. فممَّا دَار بَينهمَا من الْخُصُومَة واللحاء، والمنازعة والمراء، مَا حدَّثنيه عُبَيْد الله بن أَحْمَد الْكَاتِب أحد إِخْوَاننَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس اليزيدي قَالَ، حَدَّثَنِي عمي عُبَيْد الله بن مُحَمَّد قَالَ: أَخْبَرَنِي أبي مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّد أبي قَالَ: كُنَّا مَعَ الْمهْدي بِبَلَد فِي شهر رَمَضَان قبل أَن يُستخلف بأَرْبعَة أشهر، وَكَانَ الْكِسَائي مَعنا، فَذكر الْمهْدي الْعَرَبيَّة وَعِنْده شيبَة بن الْوَلِيد الْعَبْسِي عمُّ دفافة، فَقَالَ الْمهْدي: يُبعث إِلَى اليزيدي وَإِلَى الْكسَائي، وَأَنا يَوْمئِذٍ مَعَ يزِيد بن مَنْصُور خَال الْمهْدي، وَالْكِسَائي مَعَ الْحَسَن الْحَاجِب، قَالَ: فجاءنا الرَّسُول فَجئْت، وَإِذا الكسائيُّ على الْبَاب، فَقَالَ لي: يَا أَبَا مُحَمَّد أعوذُ بِاللَّه من شرّك، قَالَ فقلتُ لَهُ: وَالله لَا تُؤْتَى من قبلي حَتَّى أُوتى من قبلك، قَالَ: فلمَّا دَخَلنَا عَلَيْهِ أقبل عليَّ فَقَالَ: كَيفَ نسبوا إِلَى الْبَحْرين بحراني ونسبوا إِلَى الحصنين فَقَالُوا: حصني وَلم يَقُولُوا حصناني كَمَا قَالُوا بَحراني؟ قَالَ، قلت: أصلح الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015