أَي استمرت وَجَرَتْ قاصدةً إِلَيْهِ.
حَدَّثَنَا عمر بن الْحَسَن بن علّ بْن مَالك الشَّيْبَانيّ قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن زيد قَالَ: كتب يَحْيَى بن زِيَاد إِلَى بعض أَهله يُعزّيه: أمّا بعدُ فإنّ الْمُصِيبَة وَاحِدَة إِن صبرت ومصائب إِن لَمْ تصبر، وَقد مضى لَك سلفٌ يحسن عَلَيْهِم الْبكاء، وَبَقِي خلفٌ فِي مثلهم العزاء، فَلَا البكاءُ يردُّ الْمَاضِي وبالعزاء يطيبُ عيشُ الْبَاقِي، ونحنُ عمّا قَلِيل بِهم لاحقون، فآثرِ الصَّبْرَ فإنَّهُ أردُّ الأَمرين عَلَيْك وأرجعهما بالنفعِ إِلَيْك.
قَالَ القَاضِي: ولِمن تقدّمنا من التعازي مَا يستحسنه الألباء لبلاغته وفصاحته وجودة معناهُ وقوته وجزالته، وتعزية يَحْيَى بن زِيَاد هَذِه من أحسن مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب وأبلغه.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القَاسِم الأنبَاريّ قَالَ، حَدَّثَنِي أبي قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن عبد الله بن آدم الْعَبْدي قَالَ العجاج: سقط خبالي عليَّ فاستغثتُ بولدي فَلم يجبني أحد مِنْهُم، ثمَّ جَاءَنِي رُؤْيَة وَهُوَ صبي صَغِير فقلتُ لَهُ:
إنَّ بنيَّ للئامٌ زهدهْ ... ماليَ فِي صُدُورهمْ من مَوْددَهْ
إِلا كودِّ مسدٍ لقرمدَه
قَالَ فَقَالَ رُؤْيَة:
إنَّ بنيكَ لكرامٌ مَجَدَه ... وَلَو دعوتَ لأتوكَ حَفَدَه
عجّاجُ مَا أَنْت بأرضِ مأسدَه
قَالَ: فضممته إِليَّ وَقلت: ابْني سَيكون. قَالَ أَبُو بكر: المسَدُ حبالٌ تعْمل من ضروب من أوبار الْإِبِل، والقرمد: الآجرّ.
قَالَ القَاضِي: قد مضى خبر العجّاج هَذَا فِي بعض مَا تقدّم من هَذِه الْمجَالِس، وفسَّرنا مَا فِيهِ من إِعْرَاب وغريب، وأوردْنَاهُ عَن شيخ حَدَّثَنَا بِهِ عَن أبي بكر ابْن الْأَنْبَارِي.
حَدَّثَنَا الْحَسَن بن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد الْكَلْبِيّ قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن زَكَرِيَّا الْغلابِي قَالَ، حَدَّثَنَا عَبد الله بن الضحّاك ومهدي بن سَابق قَالَا: حَدَّثَنَا الْهَيْثَم بن عدي عَن صالِح بن حسان قَالَ: كَانَ عَبْد اللَّه بْن مُعَاوِيَة بن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب صديقا للوليد يَأْتِيهِ ويؤانسه، فَجَلَسَا يَوْمًا يلعبان بالشطرنج إِذْ أَتَى الْآذِن فَقَالَ: أصلح الله الْأَمِير، رجلٌ من أخوالك من أَشْرَاف ثَقِيف قدم غازيًا وأحبَّ السَّلام عَلَيْك، فَقَالَ: دَعه، فَقَالَ عبد الله: وَمَا عَلَيْك إئذن لَهُ، فَقَالَ: نَحن على لعبتنا وَقد أجحت عَلَيْك. قَالَ: فادعُ بمنديلٍ فضعْ عَلَيْهَا ويسلمُ الرجل ونعود، فَفعل، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لَهُ، فَدخل مشمرٌ لَهُ هَيْبَة،