وَالرَّوْضَة مَا يبْقى من المَاء فِي الْحَوْض. ويُقال: حَمَلٌ نضوٌ، وجَمْعَه أنضاء. وَقد زعم بعضُ اللغويين أَنَّهُ يُقال: نَضَوْتُ الظهرَ كَمَا يُقال: نضا ثَوْبه إِذا نَزعه ينضوه نضوًا، وَمن ذَلِكَ قَول امْرِئ الْقَيْس:

فَجئْت وَقد نضَتْ لنومٍ ثِيَابهَا ... لَدَى السّتْر إِلَّا لبسة المتفضّلِ

وَقَالَ من ذهب إِلَى هَذَا: إِنَّه يُقال نضا الرجلُ ثَوْبه إِذا نَزعه، ونضوتُهُ عَنْهُ إِذا أَلقيته عَنْهُ، فكأنَّ الَّذِي جهدَ رَاحِلَته وكدَّها حَتَّى هزلها أَو أرذاها نزع عَنْهَا مَا كَانَ لَهَا من من سمن وَقُوَّة، ويُقال: رَاحِلَة مهزولةٌ وهزيلٌ مثل مقتولة وقتيل، وَإِذا سَقَطت من إتعابك لَهَا وعُنْفِكَ بِهَا وَشدَّة سيركَ عَلَيْهَا فقد أرذيتها، وَهِي رذيَّة، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:

يَا ربَّ ملكٍ قد تركتُ رذيَّة ... تقلّبُ عينيها إِذا طارَ طائرُ

وَتجمع رذايا كَمَا قَالَ الإياديّ:

رذايا كالبلايا أَو ... كعيدانٍ من القَضْبِ

وَمن كَلَامهم: أَتَت الرذايا تحمل البلايا، والقَضْبُ الرّطبَة، قَالَ الله تَعَالَى ذكره: " فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حبّاً وَقَضْبًا " " عبس: 27 ".

تصرف مُؤذن فِي زمن الْورْد

حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بن الْقَاسِم الكوكبي قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يزِيد الْمبرد قَالَ، حَدَّثَنِي بعض أَصْحَابنَا قَالَ: كَانَ فِي زمَان الْمَأْمُون شيخٌ مؤذِّنٌ مسجدٍ وإمامه، فَكَانَ إِذْ جَاءَ زمَان الْورْد أغلق بَاب الْمَسْجِد وَدفع مفتاحه إِلَى بعض جِيرَانه وَأَنْشَأَ يَقُول:

يَا صاحبيَّ اسقياني ... من قهوةٍ خندريسِ

على جنيَّات وردٍ ... يُذْهِبْنَ همَّ النفوسِ

خذا من الْورْد حظًّا ... بالقصفِ غير خسيس

مَا تنظرانِ وَهَذَا ... أَوَان حثِّ الكؤوس

فبادرا قبلَ فَوت ... لَا عِطْرَ بعد عروس

قَالَ: فَلَا يزالُ على هَذَا حَتَّى إِذا انْقَضتْ أَيَّام الْورْد رَجَعَ إِلَى مَسْجده وَأَنْشَأَ يَقُول:

تبدلت من ورد جنيّ ومسمع ... شهيٍّ وَمن لَهو وَشرب مدامِ

وأنسٍ بِمن أَهْوى وصَحْبٍ ألفتهم ... بكأس ندامى كالشموسِ كرام

أذانًا وإخباتًا وقومًا أؤمّهم ... لصرف زمانٍ مولعٍ بغرامِ

فَذَلِك دأبي أَو أرى الْورْد طالِعًا ... فأتركُ أَصْحَابِي بِغَيْر إمامِ

وأرجعُ فِي لهوي وأتركُ مَسْجِدي ... يؤذِّن فِيهِ من يشا بِسَلام

قَالَ القَاضِي: الخندريس من أَسمَاء الْخمر وَقد أَكثر الشُّعَرَاء من تَسْمِيَتهَا بِهذا، وَزعم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015