فأمَّا أَبُو البخْترِي هَذَا فَهُوَ وهب الْقرشِي الْأَسدي الفِهري؛ قَالَ القَاضِي: وَله أخبارٌ كَثِيرَة، ومدحه الشُّعَرَاء مدحًا كثيرا لسماحته وسعة عطائه واستفاضة مكارمه وسجاحة أخلاقه، وَقد ذمَّه آخَرُونَ وَطعن فِيهِ الْأَئِمَّة من الأكابر والرؤساء وأعلام الْمُحدثين وَالْعُلَمَاء ونسبوهُ إِلَى الْكَذِب فِيمَا يرويهِ وَوضع كثيرٍ من الحَدِيث الَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ، وهجاهُ بِهذا الْمَعْنى بعض الشُّعَرَاء، وَلَعَلَّ بعض مَا لَمْ نذكرهُ من أخباره يَأْتِي فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
أَخْبَرَنَا الْمُعَافَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيلَ الأَدَمِيُّ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وثلثمائة قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ يَعْنِي الأَزْرَقَ قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَهُوَ ابْنُ أَبِي سَلْمَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِنْ صَاحب إبلٍ وَلَا بقيرٍ وَلا غنمٍ لَا يُؤَدِّي حقَّها إِلا أُقْعِدَ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بقاعٍ قرقرٍ تطأه ذَاتُ الخفِّ بِخُفِّهَا، وَتَنْطَحُهُ ذَاتُ الْقَرْنِ بِقَرْنِهَا، لَيْسَ فِيهَا يومئذٍ لَا جمَّاء وَلا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ "، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: إِطْرَاقُ فَحْلِهَا.
قَالَ القَاضِي: قَوْله: " بقاعٍ قَرْقَر " أَي أملسَ مستوٍ، ويُقالُ قاع قرق وقرقر وقرقوس، وَمن القرق قَول الراجز.
كَأَنّ أيْديهنَّ بالقَاعِ القَرِقْ ... أَيدي جوارٍ يتعاطينَ الوَرِقْ
وَقَوله: " إطراق فَحلهَا ": يُقال أطرق الرجل فَحل إبِله: من طلبه ليطرقَ إناثَ إبِله للنتاج، وَفِي هَذَا مَا يدلُّ على وجوب الإطراق على صَاحب الْفَحْل، وَلذَلِك نَهَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن عسيب الْفَحْل وَهُوَ إِجَارَته للضراب.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الأُبَلِّيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ عُمَرُ بن عَبدُوس الهمذاني بالإسكندرية قَالَ: حَدثنَا هاني بْنُ مُتَوَكِّلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَعُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ فِحْلَةَ فَرَسِهِ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سهل القشي قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَعُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْقَاضِي قَالَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ فِحْلَةَ فَرَسِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ عُقَيْلَ بْنَ خَالِدٍ. قَالَ القَاضِي: فإجارة