سأحبس مَالِي على لذّتي ... وأؤثر نَفسِي على الْوَارِث

وأسبقُ فِي المَال سُهَمانَهُم ... وقولَ المعوِّق والرائثِ

قَالَ أَبُو بكر: وَزَادَنِي فِيهَا أبي رَحِمَهُ الله:

أعاذلَ عاجلُ مَا أشتهي ... أحبُّ إليَّ من الّلابثِ

قَالَ القَاضِي: الأبيات المنسوبة فِي هَذَا الْخَبَر إِلَى عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عتبَة قد رويت لنا من غير وَجه عَن أَخِيه عبيد الله، وفيهَا زِيَادَة وأنشدناها: تغلغل حبُّ عثمةَ.. وَالْبَيْت الثَّانِي.

تغلغل حَيْثُ لَمْ يبلغْ شرابٌ ... وَلَا حزنٌ وَلم يبلغ سرورُ

شقَقْتِ الْقلب ثمَّ ذررت فِيهِ ... هَوَاك فليمَ فالتَامَ الفطورُ

فلِيم من الالتئام وَأَصله بِالْهَمْز، وَترك همزه لإِقَامَة الْوَزْن فَصَارَ مُسَاوِيا للفظ ليم من اللوم. وَإِن كَانَ المعنيان مُخْتَلفين. وليط فِي هَذَا الْمَعْنى أَيْضا وحُكي هُوَ أَلْيَطُ بقلبي، وحُكي عَن الفرّاء فِي قلبهم الْوَاو يَاء أنَّهم كَرهُوا أَن يشبه الْوَجْه الْمَكْرُوه. وأمّا قَول عون بن عبد الله لمُحَمد بن مَرْوَان فِي ابْنه: " إِن بعدتُ عَنْهُ عَتِبَ، وَإِن أَتَيْته حجب " فلي فِي مثله أبياتٌ من قصيدةٍ " أردّ بِهَا على قصيدة كتب بِهَا إليّ بعضُ رُؤَسَاء الزَّمَان، وَقد استبطأ زيارتي وعاتبني فِي تأخُّري عَنْهُ وكنتُ أتيتُ دَاره فحجبتُ عَنْهُ، والأبياتُ:

إِذَا لَمْ آتِ أزعجني العتابُ ... وإِنْ وافيتُ أخجلني الحجابُ

وإِنِّي حاجبٌ قدري بِهجري ... معززةً تذلُ لَهَا الرقابُ

ونعتي أحمرُ الكبريتِ عزَّاً ... وأصلي حِين تكرمني الترابُ

فَأن تُنْصِفْ فأرضُك مستقرّي ... وإِنْ تَظْلِمْ فمنزلي السحابُ

وَمَا قيل فِي هَذَا الْمَعْنى كَثِير، فمما قيل فِيهِ:

لِمَا تنكرت فِي حجابك ... رغبت بِالنَّفسِ عَن عتابكْ

فَأن تزرني أزر وإمّا ... تقفْ ببابي أَقِفْ ببابكْ

واللَّه لَا كنتَ فِي حسابي ... إِلَّا إِذا كنتُ فِي حسابكْ

الْكَلَام الفصيح: لَمْ يكن هَذَا فِي حسباني، أَي فِي ظَنِّي، وَلَيْسَ يبعد أَن يُقالُ فِي حسابي أَي فِيمَا أعدُه وأحصيه وَأَحْسبهُ من الْحساب. وممَّا أنشدناهُ أَيْضا ورويناهُ فِي خبر مَذْكُور فِي مَوضِع آخر:

يَا أيُّها الحرُّ الكريمُ الْكَافِي ... لَيْسَ الحجابُ من آلةِ الأشرافِ

ولقلَّ مَن يَأْتِي فيحجبُ مرَّةً ... فيعودُ ثَانِيَة بقلبٍ صافي

واستقصاء هَذَا الْبَاب يطول وَقد أَتَيْنَا مِنْهُ بِما فِيهِ كِفَايَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015