وسر كل شَيْء جيده ومختاره، والتلام هُوَ الَّذِي يجلى بِهِ، يُقَال لَهُ المدوس، وَقيل: هُوَ التلام يُرِيد التلامذة والتلاميذ مثل الأساورة والأساوير وَقيل إِنَّهَا فِي قِرَاءَة عَبد اللَّه أساوير من ذهب وَقَالَ: التلام بالحذف دون التَّمام كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
عفت المنا بمتالعٍ فأبان
يُرِيد الْمنَازل فَحذف اكْتِفَاء بِدلَالَة مَا بَقِي من الْكَلَام وَأقَام وزن شعره مستغنياً فِيهِ عَن التَّمام
حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْر الْعُقَيْليّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاق الطَّلْحي قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُعَاوِيَة قَالَ: وَقَالَ ابْن الْكُوفِي وَكَانَ بشر بْن مَرْوَان قد ادخر وَهُوَ على الْعرَاق عَن ابْنه عبد الْملك وَعَن عُيَيْنَة بْن أَسمَاء من غلات أراضيهم مَالا عَظِيما، فَلَمَّا ولي الْحجَّاج أخرج تِلْكَ البقايا فَوجدَ مَا على عبد الْملك وعيينة بْن أَسمَاء فَقَالَ: وَمَا على بشرٍ أَن يهب من مَال الله تَعَالَى لِابْنِهِ وَخَتنه هَذَا وَأكْثر مِنْهُ، وَالله لآخذنهما بِهِ أَخذ الضَّب وَلَده، وطالبهما فريثاه حَتَّى هلك فلحقا بِالشَّام فَنزلَا على عمر بْن عبد الْعَزِيز فَقَالَا لَهُ: إِن بشرا كَانَ أطعمنَا شَيْئا كثيرا من غلاتنا فبسطنا فِيهِ أَيْدِينَا، وان الْحجَّاج بسفهه وخرقه وظلمه أخرج علينا ثُمَّ أَخذنَا بِهِ، فَلم نزل نخدعه عَن أَنْفُسنَا حَتَّى هلك، فَكلم أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي هبة ذَلِك لنا، فَضَحِك عمر وَقَالَ: لست أَثِق لَكمَا بكلامي، وَلَكِن لَكمَا عِنْدِي رَأْي فِيهِ نجاح طلبتكما، قَالَا: فادللنا عَلَيْهِ، قَالَ: نمشي إِلَى يزِيد بْن الْمُهلب فإمَّا أَن يحملهَا من مَاله، وَإِمَّا أَن يعيننا على سُلَيْمَان فيهبها لَكمَا، وَلَا وَالله مَا كنت لأمشي إِلَى عربيٍ على الأَرْض غَيره لَيْسَ من ولد مَرْوَان. ثُمَّ أَتَوا يزِيد فَقَالَ لَهُ عمر: إِن اأتيناك زوارا وَهَذَانِ من قد عرفت، فَلَا تنظرن إِلَى جرم أَبُو يهما عِنْد أَبِيك، فَضَحِك يزِيد وَقَالَ: عَفا الله عَنْك يَا أَبَا حَفْص، أرجع فِي ذنبٍ قد غفره أَبِي قبلي؟! وَالله مَا عجز عَن مكافأتهما فِي حَيَاته وَلَا أَوْصَانِي بالثأر من بعده، فَإِنَّهُمَا لأخواي وصاحباي، هاتوا حَاجَتكُمْ، فَقَالَ عمر: إِن الْحجَّاج أخرج عَلَيْهِمَا مِمَّا كَانَ بشر ترك لَهما من غلاتهما ألف ألف وَخَمْسمِائة ألف فَمَا ترى؟ قَالَ: رَأْيكُمْ فاحتكموا، قَالَ: تحمل مِنْهَا مَا شِئْت قَالَ: عَليّ نصفهَا، وَالْمطلب إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي بقيتها، فَإِن حمله عني وَإِلَّا حَملته، فَقَالَ عبد الْملك بْن بشر: وَالله مَا ظلم النَّاس أَن زَعَمُوا أَنَّك سيدهم. ثُمَّ خَرجُوا وَعمر يَقُول: مَا رَأينَا مثل هَذَا الْعِرَاقِيّ فِي وطأته فعل قبلهَا مثلهَا، ثمَّ حمل عَن القيسيين وَعَن يزِيد بْن عَاتِكَة، وَهَذِه ألف ألف وَخَمْسمِائة ألف. ثُمَّ ركب يزِيد إِلَى سُلَيْمَان فَدخل عَلَيْهِ وَعِنْده جمَاعَة من وُجُوه أهل الْيمن فَقَامَ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان: أمسك، وَأَبِيك إِنَّك لقادر على خلواتي، اجْلِسْ،