أعطي ثلثا الْقُرْآن فقد أعطي ثلثا النُّبُوَّةِ، وَمَنْ أُعْطِيَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فَقَدْ أُعْطِيَ النُّبُوَّةَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُوحَى إِلَيْهِ.
وَيُقَالُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اقْرَأْ وَارْقَ فَيَقْرَأُ آيَةً وَيَصْعَدُ دَرَجَةً حَتَّى يُنْجِزَ مَا مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ اقْبِضْ فَيَقْبِضُ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ اقْبِضْ فَيَقْبِضُ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: أَتَدْرِي مَا فِي يَدَيْكَ؟ فَإِذَا فِي يَدِهِ الْيُمْنَى الْخُلْدُ وَفِي الْيُسْرَى النَّعِيمُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد الْمُقَدَّمِيّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَرَّاقُ وَحَدَّثَنَا ابْن عَائِشَة قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَمِّهِ عَنْ كُمَيْلٍ، وَحَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَدَائِنِيُّ، وَالأَلْفَاظُ فِي الرِّوَايَتَيْنِ مُخْتَلِطَةٌ، قَالا، قَالَ كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ النَّخَعِيُّ: أَخَذَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ بِيَدِي فَأَخْرَجَنِي إِلَى نَاحِيَةِ الْجَبَّانِ، فَلَمَّا أَصْحَرَ تَنَفَّسَ ثُمَّ قَالَ: يَا كُمَيْلُ إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا، احْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ: النَّاسُ ثَلاثَةٌ: عَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نجاةٍ، وَهَمِجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ غاوٍ، يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنور الْعلم وَلم يلجأوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ. يَا كُمَيْلُ الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ، وَالْعِلْمُ يَزْكُو عَلَى الإِنْفَاقِ وَالْمَالُ تُنْقِصُهُ النَّفَقَةُ. يَا كُمَيْلُ مَحَبَّةُ الْعَالِمِ دَيْنٌ يُدَانُ بِهِ، فِي كَسْبِهِ الْعِلْمِ لَذَّتُهُ فِي حَيَاتِهِ وَجَمِيلُ الأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَنَفَقَةُ الْمَالِ تَزُولُ بِزَوَالِهِ، وَالْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ. يَا كُمَيْلُ مَاتَ خُزَّانُ الأَمْوَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ: أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَأَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ. إِن هَاهُنَا لَعِلْمًا وَأَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ لَوْ أَصَبْتَ لَهُ حَمَلَةً. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ بَلَى أَصَبْتَهُ لَقِنًا غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهِ يَسْتَعْمِلُ آلَةَ الدِّينِ فِي الدُّنْيَا وَيَسْتَظْهِرُ بِحُجَجِ اللَّهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَبِنِعَمِهِ عَلَى كِتَابِهِ، أَوْ مُنْقَادًا لِجُمْلَةِ الْحَقِّ لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي إِحْيَائِهِ، يَقْدَحُ الزَّيْغُ فِي قَلْبِهِ بِأَوَّلِ عارضٍ مِنْ شُبْهَةٍ، اللَّهُمَّ لَا ذَا وَلَا ذَاك، أَو منهوماً بِالذَّاتِ، سَلِسَ الْقِيَادِ فِي الشَّهَوَاتِ، وَمُغْرَمًا بِالْجمعِ والادخار، وليسا مِنْ رُعَاةِ الدِّينِ، أَقْرَبُ شَبَهًا بِهِمَا الأَنْعَامُ السَّائِمَةُ، وَكَذَلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَمَلَتِهِ.
ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ بَلَى، لَا تَخْلُو الأَرْضُ من قَائِم لله بحجةٍ إِمَّا ظَاهِرٌ مَشْهُورٌ وَإِمَّا خَائِفٌ مَغْمُورٌ، لِئَلا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وَبَيِّنَاتُهُ فِيكُمْ، وَأَيْنَ أُولَئِكَ؟ ألئك الأَقَلُّونَ عَدَدًا، الأَعْظَمُونَ قَدْرًا، بِهِمْ يحفظ الله حججه حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ وَيَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ، هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الأَمْرِ فَبَاشِرُوا رَوْحَ الْيَقِين، واستسهلوا هَا واستوعر الْمُتْرَفُونَ، وَأْنَسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الجاهلون، وصحبوا الدُّنْيَا بأرواحٍ مُعَلَّقَةٍ بِالْمحل الأَعْلَى. يَا كُمَيْلُ، أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، الدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ، هَاهْ وَاشَوْقًا إِلَى رُؤْيَتِهِمْ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن زِيَاد قَالَ حَدثنَا حسني بْن الْأسود قَالَ حَدَّثَنَا يحيى بْن آدم