أُمُور مَا يدبرها حَكِيم ... بلَى فَنهى وهيب مَا استطاعا
وكلن الْأَدِيم إِذا تفرى ... بل وتعيبًا غلب الصناعا
وَإِنِّي وَالله مَا عزلتك حَتَّى لم يبْق من أديمك شَيْء أتمسك بِهِ.
فَلَمَّا ورد كِتَابه على إِبْرَاهِيم تغير وَجهه وَقَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، أَصبَحت الْيَوْم واليًا، وَأَنا السَّاعَة سوقة، فَقَامَ إِلَيْهِ رجل من بني أَسد بْن خُزَيْمَة فَقَالَ:
فَإِن تكن الْإِمَارَة عَنْك راحت ... فَإنَّك للهشام وللوليد
وَقد مر الَّذِي أَصبَحت فِيهِ ... على مَرْوَان ثُمَّ على سعيد
قَالَ: فَسرِّي عَنْهُ وَأحسن جَائِزَة الْأَسدي.
قَالَ القَاضِي: قَول هِشَام حَتَّى كنت وإياه عطف وإياه الَّذِي هُوَ النصب على التَّاء، وَهِي فِي مَوضِع رفع، لِأَنَّهُ من بَاب الْمَفْعُول مَعَه، كَقَوْلِهِم: مَا صنعت وإياكن وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
فَكَانَ وَإِيَّاهَا كحران لم يفق ... عَن المَاء إِذْ لاقاه حَتَّى تعذرا
حَدثنَا يزْدَاد بْن عبد الرَّحْمَن قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى، يَعْنِي تينة، حَدَّثَنِي القحذمي قَالَ: جَاءَ أَبُو الْأسود الدؤَلِي إِلَى بحير بْن ريسان الحيمري فَقَالَ:
بحير بْن ريسان الَّذِي سَاد حميراً ... بأفعاله الدائرات تَدور
وَإِنِّي لأرجو من بحيرٍ وليدة ... وَذَاكَ على الْمَرْء الْكَرِيم يسير
فَقَالَ: يَا أَبَا الْأسود سألتنا على قدرك، وَلَو سألتنا لعى قَدرنَا مَا رَضِينَا بهَا لَك، قَالَ: إِمَّا لَا فا جعلهَا روقة أَي تعجب مَالِكهَا.
حَدثنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عمَارَة الْمُسْتَمْلِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِي قَالَ: رَأَيْت أَعْرَابِيًا بِمَكَّة يَصِيح واويلاه واثكلاه، فَقلت لَهُ: مَا ثكلك يَا أَعْرَابِي؟ قَالَ: ستعة من الذُّكُور فِي تسعةٍ من الشُّهُور كَأَنَّهُمْ البدور، قلت: لَا إخالك إِلَّا وَقد قلت فِي ذَلِك شعرًا، قَالَ: أجل، ثُمَّ أَنْشدني:
أَلا يزْجر الدَّهْر عَنَّا المنونا ... يوقي الْبَنَات وفني البنينا
وَكنت أَبَا تسعةٍ كالبدور ... قد فقأوا أعين الحاسيدنا
فَمروا على حادثات الزَّمَان ... كمر الدَّرَاهِم بالناقدينا
أضرّ بهم ريب هَذَا الْمنون ... حَتَّى أبادهم أجمعينا
وَحَتَّى بكاهم حسادهم ... فقد أقرحوا بالدموع الجفونا
وحسبك من حَادث بامرئ ... ترى حاسديه لَهُ راحمينا