قَالَ ابْن مخلد؛ فَقَالَ سعيد: كذب.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْعَلاءِ الْحَرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن شَبِيب قَالَ حَدَّثَنِي ابْن عَائِشَة قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ صَعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ كَانَا مُتَوَاخِيَيْنِ فَقَالَ صَعْبٌ لِعَوْفٍ: أَيْ أَخِي أَيُّنَا مَاتَ قبل صَاحبه فليتراءى لَهُ قَالَ: أَيَكُونُ ذَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَمَاتَ صَعْبٌ، قَالَ: فَرَأَى عَوْفٌ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّهُ أَتَاهُ قَالَ: فَقُلْتُ: أَيْ أَخِي مَا فُعِلَ بِكُمْ؟ قَالَ: غُفِرَ لَنَا بَعْدَ الْمَشَائِبِ قَالَ: وَرَأَيْتُ لُمْعَةَ سَوَادٍ فِي عُنُقِهِ فَقُلْتُ: أَيْ أَخِي مَا هَذَا؟ قَالَ: عَشَرَةُ دَنَانِيرَ اسْتَسْلَفْتُهَا مِنْ فُلانٍ الْيَهُودِيِّ فَهِيَ فِي قَرْنِي فَأَعْطُوهَا إِيَّاهُ، وَاعْلَمْ أَيْ أَخِي أَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ فِي أَهْلِي حَدَثٌ بَعْدِي إِلا وَقَدْ لَحِقَ بِي أَجْرُهُ حَتَّى هِرَّةٌ لَنَا مَاتَتْ لَنَا مُنْذُ أَيَّامٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ بِنْتي تَمُوتُ إِلَى سِتَّةِ أَيَّامٍ فَاسْتَوْصُوا بِهَا مَعْرُوفًا، قَالَ: فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ قُلْتُ إِنَّ فِي هَذَا لَمَعْلَمًا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ أَهْلَهُ فَقَالُوا: مَرْحَبًا مَرْحَبًا بِعَوْفٍ أَهَكَذَا تَصْنَعُونَ بِتَرِكَةِ إِخْوَانِكُمْ، لَمْ تَقْرَبْنَا مُنْذُ مَاتَ صَعْبٌ، قَالَ: فَاعْتَلَلْتُ بِمَا يَتَعَلَّلُ بِهِ النَّاسُ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى الْقَرْنِ فَأَنْزَلْتُهُ، وَانْتَثَلْتُ مَا فِيهِ فَنَدَرْتُ الصُّرَّةَ الَّتِي فِيهَا الدَّنَانِيرُ، فَبَعَثْتُ إِلَى الْيَهُودِيِّ فَجَاءَ فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ كَانَ لَكَ عَلَى صَعْبٍ شَيْءٌ؟ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ صَعْبًا كَانَ مِنْ خِيَارِ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ لَهُ، قُلْتُ لَتُخْبِرَنِّي قَالَ: نَعَمْ، أَسْلَفْتُهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَنَبَذْتُهَا إِلَيْهِ، قَالَ: هِيَ وَاللَّهِ بِأَعْيَانِهَا قَالَ: قُلْتُ هَذِهِ وَاحِدَةٌ، قَالَ، قُلْتُ: فَهَلْ حَدَثَ فِيكُمْ حَدَثٌ بَعْدَ مَوْتِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ حَدَثَ فِينَا كَذَا، قُلْتُ: اذْكُرُوا، قَالَ: نَعَمْ هِرَّةٌ مَاتَتْ لَنَا مُنْذُ أَيَّامٍ، قَالَ: قُلْتُ هَاتَانِ اثْنَتَانِ، قَالَ: قُلْتُ: أَيْنَ ابْنَةُ أَخِي؟ قَالُوا: تَلْعَبُ، قَالَ: فَأُتِيَ بهَا فمستها فَإِذَا هِيَ مَحْمُومَةٌ، فَقُلْتُ: اسْتَوْصُوا بِهَا خَيْرًا، فَمَاتَتْ لِسِتَّةِ أَيَّامٍ.
قَالَ القَاضِي: قَوْله: بعد المشائب يتَّجه فِيهِ وَجْهَان من التَّأْوِيل احدهما: أَنه من قَوْلهم شَاب الشَّيْء إِذا خالطه ومازحه فَكَأَنَّهُ عني أَنه لَقِي مَعَ أَنه نجا وفاز أمورًا فظيعة راعته حيت عاينها يَوْمئِذٍ، وَهُوَ يَوْم الْفَزع الْأَكْبَر، نسْأَل الله الْعَظِيم خَيره والسلامة فِيهِ، ونعوذ بِهِ من شَره. وَالْوَجْه الثَّانِي أَنه من الشيب والمشيب، وَقد وَصفه الله تَعَالَى بِأَنَّهُ يَجْعَل الْولدَان شيبا.
وَأما الْقرن فَإِنَّهُ الكنانة أَو الْقنْدِيل، فَإِذا اجْتمعت الكنانة النبل من السِّلَاح فَهُوَ قرن كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
يَا ابْن هِشَام أهلك النَّاس اللَّبن ... فكلهم بمشي بسيفٍ وَقرن
حَدثنَا مُحَمَّد بْن مزِيد البوشنجي قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي عَن معافى بْن