وَرُوِيَ لنا عَن الْفراء الْكسر وَالضَّم فِي الخوان من كَلَام الْعَرَب، وَجمعه أخاوين مثل سوار وأساوير وَيجمع السوار أَيْضا أسورة وأساورة، وَالْهَاء فِي أساورة عوض من الْيَاء فِي أساوير. وَذكر نَحْو هَذَا سِيبَوَيْهٍ فِي زنديق وزنادقة وفرزان وفرازنة.
وَقَالَ الْأَخْفَش إسوار وأسورة فِي قَوْله تَعَالَى: " فلولا ألقِي عَلَيْهِ أسورة " الزخرف: 53 لِأَنَّهُ جمع أسوار وأسورة وَقَالَ بَعضهم أساورة فَجعله جمعا للأسورة وَأَرَادَ أساوير، وَالله أعلم، فَجعل الْهَاء عوضا من الْيَاء الَّتِي فِي أساوير.
قَالَ القَاضِي: وَقد قَالَ الله جلّ ذكره: " وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فضةٍ الْإِنْسَان: 21 وَقَالَ تَعَالَى: " يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ " الْكَهْف: 31 فَأتى الْجمع هَاهُنَا على أساور. وَحكى ثَعْلَب أَن الْفراء قَالَ: أسورة جمَاعَة سوار للَّذي فِي الْيَد يضم وَيكسر بِلَا ألف وَجمعه أسورة، وَيجوز أَن يكون أساورة جمع أسورة كَمَا قيل فِي الأسقية أساق، والأسوار والإسوار الرَّامِي. وَقد قيل فِي سوار الْيَد إِنَّه يجوز فِيهِ إسوار وأسوار، فَيجوز على هَذِه اللُّغَة أَن تكون أساورة جمعه. وَقَالَ الْفراء فِي كِتَابه فِي الْمعَانِي: من قَرَأَ أساورة جعل وَاحِدهَا أسواراً، وَمن قَرَأَ سُورَة فواحدها سوار وَقد تكون الأساورة جمع أسورة، كَمَا يُقَال فِي جمع الأسقية النَّحْوِيين: فِي وَاحِد أساور لُغَتَانِ: ضم السِّين وَكسرهَا، وَهُوَ على الْقيَاس، لِأَن جمع فعال وفعال أفعلة، فَأَما أسوار بِمَعْنى سوار فَلَيْسَ بِصَحِيح فِي الْقيَاس، فَإِن كَانَت لُغَة فَهِيَ شَاذَّة، وَلَا يكون جمعه أسورة لِأَن أفعالا لَا يجمع على أَفعلهُ وَإِنَّمَا الأسوار على أَفعَال فارسية معربة، وهواسم الْفَارِس بِالْفَارِسِيَّةِ وَلَيْسَ باسم الرَّامِي كَمَا زعم الْفراء. وَجمعه أساوير وأساور بياءٍ وَبلا يَاء، وأساورة بِالْهَاءِ عوضا عَن الْيَاء. وَلَيْسَت أساورة مثل أساق لِأَن أساقي لَا هَاء فِيهَا فَهِيَ مثل أساور.
قَالَ القَاضِي: وَهَذَا القَوْل أشبه الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ.
حَدثنَا عبد بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ عَنْ عُمَر بْن الخَطَّاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ بِلِحْيَتِي وَأَنَا أَعْرِفُ الْحُزْنَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام آنِفا فَقَالَ لَك إنّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، قلت: أجل إنّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، فَمِمَّ ذَاكَ يَا جِبْرِيلُ:؟ قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ مُفْتَتَنَةٌ بَعْدَكَ بِقَلِيلٍ مِنَ الدَّهْرِ غَيْرِ كَثِيرٍ، فَقُلْتُ: فِتْنَةُ كفرٍ أَوْ فِتْنَةُ ضَلالَةٍ؟ قَالَ: كُلٌّ سَيَكُونُ، قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيهِمْ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ يَضِلُّونَ، وَأَوَّلُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أُمَرَائِهِمْ وَقُرَّائِهِمْ، يَمْنَعُ الأُمَرَاءُ الْحُقُوقَ