قَالَ الْغَلابِيُّ: قَرَأْتُ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى ابْنِ عَائِشَةَ فَقَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ حِينَ وَصَلَ إِلَيْهِ كِتَابُ الْحَسَنِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ الشِّعْرَ وَالْكَلامَ بَعْدَهُ.
قَالَ القَاضِي: قَول مُعَاوِيَة: من لَا يرْمى بِهِ الرجوان يَعْنِي تَثْنِيَة الرجا وَهُوَ الْجَانِب والناحية جمعه أرجاء، قَالَ الله عز وَجل: " وَالْملك على أرجائها " الحلاقة:17 وَالْعرب تَقول: فلَان لَا يرْمى بِهِ الرجوان أَي لَا يستهان بِهِ وتستضعف مَنْزِلَته فيطرح بِهِ ويرمى بِهِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
فَلَا يرْمى بِي الرجوان أَنِّي ... أقل الْقَوْم من يُغني مَكَاني
وَأما قَوْله: تدارك مَا ضيعت فَإِنَّهُ حرك الْكَاف فِي الْأَمر لِأَنَّهُ أَرَادَ النُّون الْخَفِيفَة، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
اضْرِب عَنْك الهموم طارقها ... ضربك بِالسَّيْفِ قونس الْفرس
أَرَادَ: اضربن؛ وَالله تَعَالَى الْمُوفق للصَّوَاب.
أَخْبَرَنَا الْمُعَافَى قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ بيزَوَيْهِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي مَنْصُورٍ الشِّيرَازِيِّ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخر سنة تسع عشرَة وثلاثمائة قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ شَاذَانُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ الْجَهْمِ أَبُو الْجَهْمِ الْقُرَشِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ الْقِبْطِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مُحَارِبِ بْنِ دَثَّارٍ الذُّهْلِيِّ وَهُوَ فِي قَضَائِهِ حَتَّى تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَجُلانِ، فَادَّعَى أَحدهمَا قبل الآخر حَقًا فأنتكره، فَقَالَ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ فلَان. فَقَالَ لَهُ الرحل الْمُدَّعِي قَبْلَهُ: إِنَّا للَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَاللَّهِ لَئِنْ شَهِدَ عَلَيَّ لَيَشْهَدَنَّ بزورٍ، وَلَئِنْ سَأَلَنِي عَنْهُ لأُزَكِّيَنَّهُ، فَلَمَّا جَاءَ الشَّاهِدُ قَالَ مُحَارِبُ بْنُ دَثَّارٍ: حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ الطَّيْرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَتَضْرِبُ بِمَنَاقِيرِهَا وَتَقْذِفُ مَا فِي حَوَاصِلِهَا وَتُحَرِّكُ أَذْنَابَهَا مِنْ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَا يُكَلَّمُ شَاهِدُ الزُّورِ وَلا تَقَارُّ قَدَمَاهُ عَلَى الأَرْضِ حَتَّى يُقْذَفَ بِهِ فِي النَّارِ. ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: بِمَ تَشْهَدُ؟ قَالَ كُنْتُ شَهِدْتُ عَلَى شهادةٍ وَقَدْ نَسِيتُهَا، أَرْجِعُ فَأَتَذَكَّرَهَا، فَرَجَعَ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ شَاذَانَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بكرٍ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الْكِنْدِيُّ قَالَ: شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى رجلٍ عِنْدَ مُحَارِبِ بْنِ دَثَّارٍ، وَكَانَ مُحَارِبٌ مُتَّكِئًا، فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: وَاللَّهِ الَّذِي تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ مَا شَهِدَ عَلَيَّ إِلا بزورٍ، وَمَا عَلِمْتُ إِلا خَيْرًا إِلا هَذِهِ الشَّهَادَةَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِحِقْدٍ لَهُ عَلَيَّ، فَاسْتَوَى مُحَارِبٌ جَالِسًا ثُمَّ قَالَ: يَا هَذَا سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ