الْعَبَّاس اليزيدي قَالَ وحَدثني مُحَمَّد بْن الْحسن الْأَحول قَالَ حَدثنَا الْمَدَائِنِي قَالَ: أوصى الْمُهلب ابْنه يزِيد فَقَالَ: إياك يَا بني والسرعة عِنْد مسألةٍ بنعم، فَإِن أَولهَا سهل وَآخِرهَا ثقيل فِي فعلهَا، واعمل أَن لَا وَإِن قبحت فَرُبمَا روحت، فَإِن كنت من أمرٍ تسأله على ثِقَة فأطمع وَلَا توجب، ثُمَّ افْعَل، وَإِن علمت أَن لَا سَبِيل إِلَيْهِ، فَاعْتَذر، فَإِنَّهُ من لَا يعْتَذر بالعذر فنفسه ظلم.
قَالَ أَبُو عَبد اللَّه وأنشدنا ثَعْلَب قَالَ، أَنْشدني ابْن الْأَعرَابِي:
لَا تتبعن نعم لَا طَائِعا أبدا ... فَإِن لَا أفسدت من بعْدهَا نعم
إِن قلت يَوْمًا نعم بدءًا فتم بهَا ... فَإِن إمضاءها صنف من الْكَرم
قَالَ القَاضِي رَحمَه الله: قد أنشدنا هذَيْن الْبَيْتَيْنِ جمَاعَة من شُيُوخنَا عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ وأنشدنا أَبُو الْحسن عَليّ بْن سُلَيْمَان الْأَخْفَش لرجل من طيءٍ هَذِه الأبيات:
وَالله وَالله لَوْلَا أنني فرق ... من الْأَمِير لعاتبت ابْن نبراس
فِي موعدٍ قَالَه لي ثمَّ أخلفني ... غَدا غَدا ضرب أَخْمَاس لأسداس
حَتَّى إِذا نَحن ألجأنا مواعده ... إِلَى الطبيعة فِي حفز وإبساس
أجلت مخيلته عَن لَا فَقلت لَهُ ... لَو مَا بدأت بهَا مَا كَانَ من باس
وَلَيْسَ يرجع فِي لَا بَعْدَمَا سلفت ... مِنْهُ نعم طَائِعا حر من النَّاس
قَالَ القَاضِي أَبُو الْفرج: وَقد روينَا فِي جِهَات نعم وَلَا أَشْيَاء كَثِيرَة من ملح الْأَخْبَار ولطيف الْأَشْعَار وَمن فنون الْآدَاب الغريبة وفوائد الْعلم النبيهة مِمَّا يطول وَلَا يَتَّسِع مجْلِس من مجَالِس كتَابنَا لَهُ، وَلَكنَّا نذْكر فِيمَا هَاهُنَا طرفا مِنْهُ وَفِيمَا نستأنفه من مجالسنا هَذِه مَا نعثر أَولا أَولا عَلَيْهِ.
وحضرني فِي بَاب نعم وَلَا شَيْء كنت نظمته وَهُوَ:
لَا فِي مُقَدّمَة اللأواء مؤذنة ... بالجحد وَالنَّفْي والحرمان والعدم
وَقد رَأينَا نعم فِي أصل بنيتها ... صيغت مُنَاسبَة النعماء وَالنعَم
وَمِمَّا أنشدوناه فِي ذمّ لَا قَول الَّذِي قَالَ:
قبحت لَا فَإِنَّهَا ... خلقت خلقَة الجلم
تذْهب الْعرف والجمي؟ ... ل وَتَأْتِي على الْكَرم
اللُّغَات فِي نعم وَفِي نعم لُغَتَانِ مشهورتان ولغة شَاذَّة، فأشهر المشهورتين مِنْهُمَا نعَم بِفَتْح الْعين، وَعَلَيْهَا قِرَاءَة الْجُمْهُور من أهل الحجار وَالشَّام والعراقيين؛ وَقَرَأَ باللغة الثَّانِيَة عمر بْن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ وَهِي نعِم، بِكَسْر الْعين، وَهِي قِرَاءَة أَبِي وَائِل