أَكُفُّ عَنْ ذِكْرِهِ أَعْظَمُ، فَلا مُعَوِّلٌ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّبْرِ، وَتَوَقُّعُ النَّصْرِ، وَاحْتِسَابُ الأَجْرِ، فَيُمَادُّكُمُ الْقَوْمُ دَوْلَتَهُمُ امْتِدَادَ الْعِنَانَيْنِ فِي عُنُقِ الْجَوَادِ، فَإِذَا بَلَغَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالأَمْرِ مَدَاهُ، وَجَاءَ الْوَقْتُ الْمَحْتُومُ، كَانَتِ الدَّوْلَةُ كَالإِنَاءِ الْمَكْفُوِّ، فَعِنْدَهَا أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّقِهِ غَيْرُكُمْ فِيكُمْ، فَجَعَلَ الْعَاقِبَةَ فِيكُمْ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.

سُلَيْمَان بْن عَبْد الْملك وشرهه إِلَى الطَّعَام

حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن أَبِي سَعْد، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَان الْهَاشِمِي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه وَصله، قَالَ: قَالَ: لنا سُلَيْمَان يَوْمًا: إِنِّي قَدْ أمرت قيّم بستاني أَن يحبس عليّ الْفَاكِهَة وَلا يجني مِنْهَا شَيْئا حَتَّى تدْرك، فاغدوا عَلَيّ مَعَ الْفجْر - يَقُولُ: لأَصْحَابه الَّذِين كَانَ يأنس بهم: لنأكل الْفَاكِهَة فِي برد النَّهَار - فغدونا فِي ذَلِكَ الْوَقْت، فصلى الصُّبْح وصلينا، ثُمّ دخل ودخلنا مَعَه، فَإِذا الْفَاكِهَة متهدلةٌ عَلَى أَغْصَانهَا وَإِذَا كُلّ فَاكِهَة مختارة قَد أدْركْت كلهَا، فَقَالَ: كلوا، ثُمّ أقبل فأكلنا بِمِقْدَار الطَّاقَة، واقبلنا نقُول: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِين: هَذَا العنقود، فيخرطه فِي فِيهِ، يَا أَمِير الْمُؤْمِنِين، هَذِهِ التفاحة، كلما رَأينَا شَيْئا نضيجًا أومأنا إِلَيْهِ فَيَأْخذهُ فيأكله ويَحْطِمُه، حطمًا، حَتَّى ارْتَفع الضُّحَى ومَتَع النَّهَار، ثُمّ أقبل عَلَى قيّم الْبُسْتَان، فَقَالَ: وَيحك يَا فُلان، إِنِّي قَد استجعتُ فَهَل عنْدك شَيْء تطعمنيه؟؟ قَالَ: نعم يَا أَمِير الْمُؤْمِنِين عناقٌ حوليَّة حَمْرَاء، قَالَ: ائْتِنِي بهَا وَلَا تأتين مَعهَا بِخبْز، فجَاء بهَا عَلَى خوان لَا قَوَائِم لَهُ وَقَد انفخت وملأت الخوان، وَجَاء بهَا غلمةٌ يحملونها فأدنوها مِنْهُ وَهُوَ قَائِم، فَأقبل يَأْخُذ الْعُضْو فَيَجِيء مَعَه لنُضْجه فيطرحه فيخرطه فِي فِيهِ، ويلقي الْعظم حَتَّى أَتَى عَلَيْهَا، ثُمّ عَاد لأكل الْفَاكِهَة فَأكل فَأكْثر ثُمّ قَالَ للقيّم: وَيحك! مَا عنْدك شَيْء تطعمنيه؟ قَالَ: بلَى يَا أَمِير الْمُؤْمِنِين، دجاجتان قَدْ عبئتا شحمًا، قَالَ: ائْتِنِي بهما، فَفعل بهما كَمَا فعل بالعناق، ثُمّ عَاد لأكل الْفَاكِهَة، فَأكل مَلِيًّا ثُمّ قَالَ للقيّم: هَلْ عنْدك شَيْء تطعمنيه، فَإِنِّي قَدْ جعت، قَالَ: عِنْدِي سويقٌ جَدِيدَة يَعْنِي الْحِنْطَة كأَنَّه قطع الأوتار وَسمن سلاء وسكر، قَالَ: أَفلا أعلمتني بِهَذَا قبل: ائْتِنِي وَأكْثر، فجَاء بقعبٍ يقْعد فِيهِ الرَّجُل، وَقَدْ ملأَهُ من السويق قَدْ خلطه بالسكر وصب عَلَيْه سمن سلاء، وأتى بجرة ماءٍ بَارِد وكوزٍ فَأخذ الْقَعْب عَلَى كَفه، وَأَقْبل القيّم يصب عَلَيْه المَاء فيحركه حَتَّى كفأه عَلَى وَجهه فَارغًا، ثُمّ عَاد لأكل الْفَاكِهَة فَأكل مَلِيا حَتَّى حرت عَلَيْه الشَّمْس، فَدخل وأمرنا أَن ندخل إِلَى مَجْلِسه فَدخل وَجَلَسْنَا، فَمَا مكث أَن خرج علينا فَلَمَّا جلس قَامَ كَبِير الطباخين حياله يُؤذنهُ بالغداء، فَأَوْمأ إِلَيْهِ أَن ائتِ بالغداء، فَوضع يَده فَأكل، فَمَا فَقَدْنا من أكله شَيْئا.

أكفأه وكفأه

قَالَ القَاضِي: فِي هَذَا الْخَبَر حَتَّى أكفأه عَلَى وَجهه بِمَعْنى قَلَبه وَهُوَ خطأ إِنَّمَا هُوَ كَفَأَهُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015