يَا لعنةُ اللَّه والأقوامُ كُلِّهِمُ ... والصَّالحين عَلَى سَمْعَان مِنْ جَارِ
وَهَذَا بَاب وَاسع جدا وَنحن نشبع القَوْل فِيهِ إِذا انتهينا إِلَى الْبَيَان عَنْ قَول اللَّه عز وَجل: " أَلا يَا اسجدوا لله " وَشرح مَا فِيهِ من التَّأْوِيل والقراآت فِي مَوْضِعه فِي كتبنَا فِي علل التَّأْوِيل والتلاوة إِن شَاءَ اللَّه.
وقولُ ذِي الرمَّة: عَلَى حِين راهقتُ الثَّلَاثِينَ بِنصب حِين، هَكَذَا روينَاهُ، وَهُوَ الْوَجْه المتَّفقُ عَلَى صِحَّته فِي الْإِعْرَاب، وَالْمُخْتَار عِنْد كثير من نُظار النُّحاة الْفَتْح لِإِضَافَتِهِ إِلَى مبنيٍ غَيْر مُعْرب، وَذَلِكَ " راهقت " الَّذِي هُوَ فعل مَاض كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
عَلَى حينَ عاتبتُ المَشِيبَ عَلَى الصِّبا ... وقُلْتُ ألَمَّا تَصْحُ والشيبُ وَازِعُ
وعَلى هَذَا الْوَجْه قِرَاءَة من قَرَأَ من القَرَأَةِ " وَمِنْ خزي يَوْمئِذٍ " وَمن قَرَأَ: يومئذٍ " وَمن عَذَاب يَوْمئِذٍ "، وَهَذَا كلُّه مشروح مَعَ تَسْمِيَة من قَرَأَ بِهِ، وحُجج الْمُخْتَلِفين فِيهِ فِي كتبنَا الْمُؤَلّفَة فِي حُرُوف الْقُرْآن وتأويله.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن الْقَاسِم الكوكبي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن زُهَيْر بْن حَرْب بْن أَبِي خَيْثَمَة، قَالَ: أَخْبَرَنَا الزُّبَير بْن بَكَّار، قَالَ: حَدَّثَنِي مُصْعَب عمي، قَالَ: ذكر لي رجلٌ من أَهْل الْمَدِينَة، أَن رَجُلا خرج حاجًّا فَنزل تَحت سرحةٍ فِي بعض الطَّرِيق من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة، فَنظر إِلَى كتاب معلقٍ عَلَى السَّرْحة مَكْتُوب فِيهِ: بِسم اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم: أَيهَا الْحَاج القاصدُ بَيت اللَّه، إِن ثَلَاث أخواتٍ خَلَون يَوْمًا فبُحْنَ بأهوائهن وذكرن أشجانهن، فَقَالَت الْكُبْرَى:
عجبْتُ لَهُ إذْ زار فِي النَّومِ مَضّجَعي ... وَلَو زَارَني مُستيقظًا كَانَ أعْجَبَا
وَقَالَت الْوُسْطَى:
وَمَا زَارَنِي فِي النَّوْمِ إِلا خَيَالُهُ ... فقلتُ لَهُ أَهلا وسَهْلا ومَرْحَبَا
وَقَالَت الصُّغْرَى:
بنفسي وَأَهلي من أرى كُلّ ليلةٍ ... ضَجِيعي وريَّاهُ من الْمِسْك أطْيَبَا
وَفِي أَسْفَل الْكتاب مَكْتُوب: رحم اللَّه امْرأ نظر فِي كتَابنَا هَذَا فَقضى بِالْحَقِّ بَيْننَا، وَلم يجر فِي الْقَضِيَّة، قَالَ: فَأخذ الْكتاب فَكتب فِي أَسْفَله:
أحدِّثُ عَنْ حورٍ تَحَدّثْن مرّة ... حَدِيث امرىءٍ سَاس الْأُمُور وجَرَّبا
ثلاثٌ كبكْرَاتِ الهجان عَقَائِل ... نَوَاعم يغلبن اللبيب المهذَّبا
خلون وَقَدْ غَابَتْ عيونٌ كثيرةٌ ... من اللائي قَدْ يهوين أَن يتغيبا
فبحن بِمَا يُخفين من لاعج الْهوى ... مَعًا واتخذن الشّعْر ملهًى وملعبا