عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ النَّاسَ مَحْجُوبِينَ بِبَابِهِ لَمْ يُؤْذَنْ لأحدٍ مِنْهُمْ، فَأَذِنَ لأَبِي بَكْرٍ فَدَخَلَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَوَجَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا وَحَوْلَهُ نِسَاؤُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ واجمٌ، فَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لأُمَازِحَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ، وَلأَقُولَنَّ شَيْئًا يُضْحِكُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ رَأَيْتَ بِنْتَ خَارِجَةَ سَأَلَتْنِي آنِفًا النَّفَقَةَ، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَوَجَأْتُ فِي عُنُقِهَا. فَضَحِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: فَهُنَّ حَوْلِي كَمَا تَرَى يَسْأَلُنَّنِي النَّفَقَةَ، قَالَ: فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ فَوَجَأَ فِي عُنُقِهَا، وَقَامَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ فَوَجَأَ فِي عُنُقِهَا، وَكِلاهُمَا يَقُولُ: لِمَ تَسْأَلْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، فَقُلْنَ: وَاللَّهِ لَا نَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَبَدًا مَا لَيْسَ عِنْدَهُ.
قَالَ القَاضِي: قَول الرَّاوِي فِي هَذَا الْخَبَر " ورسولُ اللَّه صلّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسلم: واجم، الواجم: الحزين، والوجُومُ: الْحزن والفتور، يُقَالُ: وَجِم يَجِمُ وُجُومًا فَهُوَ واجم، مثل وقف يقف وقوفًا فَهُوَ وَاقِف.
قَالَ الْأَعْشَى مَيْمُون بْن قَيْس:
هُرَيْرَةَ وَدِّعْهَا وإنْ لَام لائِمُ ... غَدَاة غدٍ أمْ أَنْتَ لِلْبَيْنِ واجمُ
وَقَول عُمَر: فَوَجَأْتُ عُنقها، مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَكَّ عُنُقَها بِيَدِهِ أَوْ غَيرهَا، وَمن الْعَرَب من يتْرك الْهَمْز فِيهِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
وَكنت أذلّ مِنْ وتدٍ بقاعٍ ... يوجيء رَأسه بالفهر واجي
وَقيل: إِن الشَّاعِر اضطُرَّ فَترك الْهَمْز لإِقَامَة الْوَزْن فِي الْبَيْت، كَمَا قَالَ الآخر:
سَالَتْ هذيلٌ رَسُولَ اللَّهِ فاحِشَةً ... ضَلَّتْ هذيلٌ بِمَا سالَتْ وَلَم تُصِبِ
يُرِيد: سَأَلت.
وقَالَ آخر:
فارعَيْ فَزارَةُ ... لَا هَنَاكِ المرْتَعُ
يُرِيد: هَنَّأك.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد، أَنْبَأَنَا أَبُو حَاتِم، أَنْبَأَنَا الْأَصْمَعِي، قَالَ: التقى صَخْرُ بْن عَمْرو بْن الشَّرِيد السُّلَمِيّ ورجلٌ من بني أَسد، فطعن الأَسَديّ صَخرًا، فَقِيل لصخر: كَيفَ طَعَنَك؟ قَالَ: كَانَ رُمْحُه أطولَ من رُمْحِي بأُنْبُوب، فَمَرض صخرٌ مِنْهَا فطال مرضُه، فكانتْ أمُّهُ إِذا سُئلت عَنْهُ، قَالَتْ: نَحْنُ بخيرٍ مَا رَأينَا سوادَه بَيْننَا، وَكَانَت امْرَأَته