هُوَ أولى بِهِ يُؤتي بِهِ فِيهِ إِن شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي الازهر، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الزُّبَير بْن بَكَّار بْن عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب بْن ثَابِت بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَير بْن الْعَوَّام بْن أَسد، قَالَ: حَدَّثَنِي عمي مُصْعَب بْن عَبْد الله، قَالَ: كَانَ عُبَيْد اللَّه بْن ظَبْيان قَاضِي الرَّقَّةِ، وَكَانَ الرشيد إِذْ ذَاك بهَا، فجَاء رَجُل فاستعدى إِلَيْهِ من عِيسَى بْن جَعْفَر، فَكتب إِلَيْهِ ابنُ ظبْيَان: " أما بعد، أبقى اللَّه الْأَمِير وَحفظه، وأتمَّ نعْمَته عَلَيْه، أَتَانِي رجلٌ يذكر أَنَّهُ فُلان بْن فُلان، وَأَن لَهُ عَلَى الْأَمِير - أبقاه اللَّه - خمس مائَة ألف دِرْهَم - فَإِن رَأَى الْأَمِير - أبقاه اللَّه - أَن يحضر مَعَه مجْلِس الحكم أَوْ يوكَّل وَكيلا يُناظر خَصْمَهُ فعل ".
قَالَ: وَدفع الْكتاب إِلَى الرَّجُل، فَأتى بَاب عِيسَى بْن جَعْفَر فَدفع الْكتاب إِلَى حَاجِبه فأوصله إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: كُلْ هَذَا الْكتاب.
فَرجع إِلَى القَاضِي فَأَخْبَرَه، فَكتب إِلَيْهِ: أبقاك اللَّه وحفظك وأمتع بك، حضر رجلٌ يُقَالُ لَهُ فُلان بْن فُلان، فَذكر أَن لَهُ عَلَيْك حقًّا فَصِرْ مَعَه إِلَى مجْلِس الْحَكَم أَوْ وكيلك إِن شَاءَ اللَّه.
وَوجه بِالْكتاب مَعَ عونين من أعوانه، فحضرا بَاب عِيسَى بْن جَعْفَر ودفعا الْكتاب إِلَيْهِ، فَغَضب وَرمى بِهِ، فَانْطَلقَا إِلَيْهِ فَأَخْبَرَاهُ.
فَكتب إِلَيْهِ: حفظك اللَّه وأبقاك وأمتع بك، لَا بُد أَن تصيرَ أَنْت وخصمك إِلَى مجْلِس الْحُكْم، فَإِن أَنْت أبيتَ رفعتُ أَمرك إِلَى أَمِير الْمُؤْمِنِين إِن شَاءَ الله.
وَوجه الْكتاب مَعَ رجلَيْنِ من أَصْحَابه الْعُدُول، فقعدوا عَلَى بَاب عِيسَى بْن جَعْفَر حَتَّى خرج، فقاما إِلَيْهِ ودفعا إِلَيْهِ كتاب القَاضِي، فَلم يقرأه وَرمى بِهِ، فأبلغاه ذَلِكَ.
فختم قِمَطْرَهُ وَانْصَرف وَقعد فِي بَيته، وَبلغ الخبرُ الرشيدَ فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ عَنْ أمره، فَأَخْبَرَه بالقصة حرفا حرفا، فَقَالَ لإِبْرَاهِيم بْن عُثْمَان: صِرْ إِلَى بَاب عِيسَى بْن جَعْفَر فاختم عَلَيْه أبوابَه كُلَّها، وَلا يخرُجَنَّ أحدٌ وَلا يدخلن أحدٌ عَلَيْه حَتَّى يَخْرُج إِلَى الرَّجُل من حقِّه أَوْ يصير مَعَه إِلَى الْحَاكِم.
قَالَ: فأحاط إِبْرَاهِيم بداره ووكَّل بهَا خمسين فَارِسًا وأغلقت أبوابه، وَظن عِيسَى أَنَّهُ قَدْ حدَّث للرشيد رأيٌ فِي قَتله، فَلم يَدْر مَا سَبَب ذَلِكَ، وَجَعَل يكلم الأعوان من خلف الْبَاب، وارتفع الصياحُ من دَاره، وصَرَخ النساءُ، فأمرهن أَن يَسْكُتن، وقَالَ لبَعض غِلمان إِبْرَاهِيم: أُدْعُ لي أَبَا إِسْحَاق لأكلمه، فأعلموه مَا قَالَ: فجَاء حَتَّى صَار إِلَى الْبَاب، فَقَالَ لَهُ عِيسَى ويْلك مَا حالُنا؟ فَأَخْبَرَه خبرَ ابنِ ظَبيان، فَأمر أَن تحضر خَمْسمِائَة ألف دِرْهَم من سَاعَته ويُدفع بهَا إِلَى الرَّجُل.