حَدَّثَنِي طَاهِر بْن مُسْلِم الْعَبْدي، قَالَ: حَدَّثَنِي الْغلابِي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن سُلَيْمَان قَالَ: سَمِعت عِيسَى بْن أبان، يَقُولُ: كنت عِنْدَ الْمَأْمُون فاستأذنته فِي الْخُرُوج إِلَى الْبَصْرَة إِلَى عيالي، فَقَالَ: أَمِير الْمُؤمنِينَ أشوق إِلَيْكَ مِنْك إِلَى عِيَالك، وَلَكِن وَجِّه إِلَيْهِم فيحملوا، ثُمَّ قَالَ لخادم عَلَى رَأسه: قل لَهُمْ: يحثّوا، قَالَ: فَإِذا غلامٌ أَمْرَد قَدْ أقبل لَمْ تَرَ عَيْني أحسنَ مِنْهُ مُغَلَّفٌ بالغالية يخْطر حَتَّى جَاءَ فَسلم، فَقَالَ لَهُ: مرْحَبًا ثُمَّ أجلسه على فَخذه الْيُمْنَى، ثُمَّ أقبل آخر مثله فأقعده عَلَى فَخذه الْيُسْرَى فَجعلت أنظر إِلَى حُسنهما، فَقَالَ لي: يَا عِيسَى! بأيِّهما ترى أَن أبدأ، فَقلت: أعيذ أَمِير الْمُؤمنِينَ بِاللَّه، لَقَدْ نَزَّهَهُ اللَّه عَنْ هَذَا وصانه، قَالَ: يَا عِيسَى لَيْسَ هُوَ الَّذِي ذهبتَ إِلَيْهِ، إنَّهُمَا جاريتان اشْتَهيْتُهما فِي زيّ الغلمان، فَقلت: أَمِير الْمُؤمنِينَ أَعلَى عينا، فَقَالَت الأولى: وَالله يَا عِيسَى مَا تحسن الْحُكُومَة، ألم تسمع إِلَى قَول الله عز وَجل: " السَّابِقُونَ الْأَولونَ " قَالَ: فبقيتُ وَالله مُتَعَجِّبا وتمنّيت أَنِّي كنتُ اهتديت إِلَى مَا قَالَت بِجَمِيعِ مِلْكي، ثُمَّ قَالَت الْأُخْرَى: لَا وَالله يَا عِيسَى، مَا تبصر من الْحُكُومَة شَيئًا، ألم تسمع إِلَى قَول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: " وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى " فتركته مَعَهُمَا وَخرجت.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الصولي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو ثُمَامَةَ الْقَيْسِيُّ، قَالَ: فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا نُوَاسٍ عِنْدَهُ رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، فَتَحَدَّثَ رَوْحٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْقُلُوبُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ ". قَالَ أَبُو نُوَاسٍ: أَنْتَ لَا تَأْنَسُ بِي وَسَأَجْعَلُ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْظُومًا بِشِعْرٍ، قُلْتُ: فَإِنْ قُلْتَ ذَلِكَ فَجِئْنِي بِهِ، فَجَاءَنِي فَأَنْشَدَنِي:
يَا قَلْبُ رِفْقًا، أَجَدٌّ مِنْكَ ذَا الْكَلَفُ ... وَمَنْ كَلِفْتَ بِهِ جَانٍ كَمَا تَصِفُ
وَكَانَ فِي الْحَقِّ أَنْ يَهْوَاكَ مُجْتَهِدًا ... بِذَاكَ خَبَّرَ مِنَّا الْغَابِرُ السَّلَفُ
إِنَّ الْقُلُوبَ لأَجْنَادٌ مُجَنَّدَةٌ ... لِلَّهِ فِي الأَرْضِ بِالأَهْوَاءِ تَعْتَرِفُ
فَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا فَهُوَ مُخْتَلِفٌ ... وَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا فَهُوَ مُؤْتَلِفُ
حَدَّثَنَا الصولي: قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يزِيد المهلبي، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْن مهدويه، قَالَ: حَدَّث أَبُو حَفْص عُمَر بْن إِبْرَاهِيم الْعَدوي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمنْهَال - إِلَّا أَنَّهُ قَالَ الضَّرِير - قَالَ: حَدَّثَنِي يزِيد بْن زُرَيْع: وسَاق الْخَبَر، إِلَّا أَنَّهُ زَاد فِيهِ قَالَ يزِيد بْن زُرَيْع: وَكَانَ أَبُو نواس صَبِيًّا.