ذاكرها ليستوفي النَّاظر فِي كتاب هَذَا الْأَمريْنِ جَمِيعًا بِمَشِيئَة اللَّه وعونه.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن دَاوُد بْن سُلَيْمَان النَّيْسَابُوريّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن سهل السّامري بفلسطين، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ الإِمَام، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْخَلِيل، قَالَ: أَخْبرنِي رُوح بْن حَرْب السِّمْسار، قَالَ: كنت فِي دَار الطيالسة فَإِذا الْهَيْثَم بِهِ عَدِيّ حَاضر، قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بْن أبي ليلى يَقُولُ: كنت يَوْمَا فِي مجْلِس الْقَضَاء فوردت على عَجُوز وَمَعَهَا جَارِيَة شَابة، قَالَ: فَذَهَبت الْعَجُوز تَتَكَلَّم قَالَ: فَقَالَت الشَّابَّة: أصلح اللَّه القَاضِي، مُرْها فلتسكُتْ حَتَّى أتكلمَ بحُجّتي وحُجّتِها، فَإِن لحنتُ بِشَيْء فلتردَّ عليّ، فَإِن أذِنْتَ لي سَفَرْت، قَالَ: فَقلت: أسفري، قَالَ: فَقَالَت الْعَجُوز: إِن سَفَرَتْ قضيتَ لَهَا عليّ، قَالَ: قلت: أسْفِري، فأسْفَرت وَالله عَنْ وَجْهٍ مَا ظننتُ أَن يكون مثله إِلَّا فِي الْجنَّة، فَقَالَت: أصلح اللَّه القَاضِي، هَذِهِ عَمّتي، مَاتَ أبي وَتَرَكَنِي يتيمة فِي حجرها فربتني فأحسنت التربية، حَتَّى إِذَا بلغتُ مبلغ النِّسَاء قَالَتْ: يَا بنية! هَلْ لَك فِي التَّزْوِيج؟ قلت: مَا أكره ذَلِكَ يَا عمَّة، هَكَذَا كَانَ؟ قَالَت الْعَجُوز: نَعَمْ. قَالَتْ فخطبني وُجُوه أَهْلَ الْكُوفَة فَلم ترض لي إِلَّا رَجُلا صيرفيًّا فزوجتني، فَكُنَّا كأننا ريحانتان مَا يظنّ أَن اللَّه تَعَالَى خَلَق غَيْرِي، وَلَا أظنّ أَن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خَلْقٌ غَيره، يَغْدوُ إِلَى سُوقه وَيروح عليّ بِمَا رزقه اللَّه، فَلَمّا رَأَتْ الْعمة موقعه مني وموقعي مِنْهُ حَسَدَتْنا عَلَى ذَلِكَ، قَالَتْ: فَكَانَت لَهَا ابْنَة فسَوَّقْتها وهيأتها لدُخُول زَوجي عليّ فَوَقَعت عينه عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهَا: يَا عَمَّة! هَلْ لَك أَن تزوجيني ابْنَتك؟ قَالَتْ: نَعَمْ بِشَرْط، قَالَ لَهَا: وَمَا الشَّرْط؟ قَالَتْ: تُصَيَّر أَمر ابْنَة أخي إليَّ، قَالَ: قَدْ صيرتُ أمرهَا إِلَيْكَ، قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ طلقتُها ثَلَاثًا بتَّةً، وزوجت ابْنَتهَا من زَوجي، فَكَانَ يَغْدُو عَلَيْهَا وَيروح كَمَا كَانَ يَغْدُو عليّ وَيروح. فَقلت لَهَا: يَا عمَّة! تأذنين لي أَن أنتقل عَنك، قَالَتْ: نَعَمْ، فانتقلت عَنْهَا، قَالَتْ: وَكَانَ لعمتي زوجٌ غَائِب فَقدم فَلَمّا توَسط منزله، قَالَ: مَالِي لَا أرى رَبِيبتَنا؟ قَالَتْ تزوجتْ وَطَلقهَا زوجُها فانتقلت عَنَّا، فَقَالَ لَهَا: عَلَيْنَا من الْحق مَا نُعَزِّيها بمصيبتها، قَالَتْ: فَلَمّا بَلغنِي مَجِيئه تهيأتُ لَهُ وتَسَوَّقْتُ، قَالَتْ: فَلَمّا دَخَلَ عليّ سلم وعَزَّاني بمصيبتي ثُمَّ قَالَ لي: إِن فِيَّ بَقِيَّة من الشَّبَاب فَهَل لَك أَن أتزوجك؟ قلت: مَا أكره ذَاك وَلَكِن عَلَى شَرط، قَالَ لي: وإيش الشَّرْط؟ قلت: تُصَيّر أَمر عَمّتي بيَدي، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ صيرت أمرهَا بِيَدِك، قلت: فَإِنِّي قَدْ طَلقتهَا ثَلَاثًا بَتَّة، قَالَتْ: وقدِم بثَقَلِه عليّ من الْغَد وَمَعَهُ سِتَّة آلَاف دِرْهَم، فَأَقَامَ عِنْدِي مَا أَقَامَ ثُمَّ إِنَّهُ اعتلَّ فُتوفي، فَلَمّا انقضتْ عِدَّتي جَاءَ زَوجي الأوّل يُعَزِّيني بمصيبتي فَلَمّا بَلغنِي مَجِيئه تهيأتُ لَهُ وتَسَوَّقْت، فَلَمّا دَخَلَ عليّ قَالَ: يَا فُلَانَة! إِنَّك لتعلمين أنَّكَ كنت أحبَّ النّاس إليَّ وأعزهم عليّ، وَقد حل لَنَا الرّجْعَة فَهَل لَك فِي ذَلِكَ؟ قلت: مَا أكره ذَلِكَ وَلَكِن تُصَيِّر أَمر ابْنَة عمِّي بيَدي، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ فعلتُ صيرتُ أَمر ابْنَة عَمَّتك بِيَدِك، قلت: فَإِنِّي قَدْ طَلقتهَا ثَلَاثًا بَتَّة، أصلح اللَّه