معينة، ويعتبر المناخ الحار الرطب من أسوأ أنواع المناخ في هذه الناحية، وذلك لأنه يساعد على تحلل المواد العضوية، وعلى نمو الجراثيم والميكروبات والحشرات وانتشارها، فضلًا عن أنه يبعث غالبًا على الكسل والخمول ويقلل من مقدرة الجسم على مقاومة الميكروبات، وقد كان هذا المناخ من أهم العقبات التي اعترضت الأوروبيين عند استعمارهم الأقاليم الاستوائية، وكثيرًا ما كنا نسمع مثلًا عن "مقبرة الرجل الأبيض" وهو الاسم الذي اشتهر به ساحل غانة في غرب إفريقية حيث تجتمع الحرارة والرطوبة الشديدتان طول السنة، ومن الملاحظات المشهورة أيضًا أن كثرة أشعة الشمس وقوتها بالقرب من خط الاستواء تساعد على زيادة سرعة نمو بعض الأجهزة والغدد في جسم الإنسان، مما يؤدي إلى انخفاض سن البلوغ عنه في البلاد ذات المناخ المعتدل أو البارد، فهو بالنسبة للإناث مثلًا يقع بين سن الحادية عشرة والرابعة عشرة عند خط الاستواء وبين الثالثة عشرة والسادسة عشرة في الأقاليم المعتدلة، وبين الخامسة عشرة والثامنة عشرة في الأقاليم القطبية1.
ويلاحظ كذلك أن سكان الأقاليم محرومون تمامًا من أشعة الشمس خلال فترة من السنة يزداد طولها كلما اقتربنا من القطب، الذي تنقسم السنة عنده بصفه عامة إلى فصلين، هما فصل صيف طويل لا تغيب فيه الشمس مطلقًا لمدة قد تصل إلى ستة أشهر، وفصل شتاء مظلم قد تستمر ستة أشهر كذلك، ويتعرض الإسكيمو الذين يعيشون في تلك العروض، والرحالة الذين قد يصلون إليها خلال هذا الفصل المظلم لبعض الأمراض التي تنشأ نتيجة لحرمان الجسم من أشعة الشمس، ومن أهمها فقر الدم "الأنيميا" والأرق وعسر الهضم ولين العظام Rickets وغيرها.
ولكن إذا كان مناخ بعض الأقاليم يساعد على انتشار أنواع معينة من الأمراض فقد ثبت من ناحية أخرى أن هناك أنواعًا من المناخ تساعد على علاج بعض الأمراض المشهورة، حتى إن "تغيير الهواء" أصبح من أهم وسائل العلاج الحديثة، التي ينصح بها الأطباء، فقد تبين مثلًا أن هواء الجبال يساعد