ولا تخفى علينا كذلك أهمية الدراسات الجوية بالنسبة للملاحة البحرية والجوية على حد سواء، فالطيار أو البحار كلاهما عليه أن يتأكد من حالة الجو وما يمكن أن يطرأ عليه من تغيرات قبل أن يمضى في رحلته، ومع ذلك فكثيرًا ما نسمع عن حوادث سقوط الطائرات أو غرق المراكب بسبب تقلبات فجائية في الظروف الجوية مثل حدوث العواصف أو انتشار الضباب الكثيف فوق المواني والمطارات وعلى خطوط الملاحة، وكذلك القائد في ميدان القتال عليه أن يراقب الأحوال الجوية بكل حذر، فكثيرًا ما كانت الظاهرات الجوية سببًا في خسارة بعض المعارك المهمة أو كسبها، ومن الثابت أن بعض فصول السنة تكون أصلح من غيرها لنجاح العمليات الحربية المختلفة، وذلك على حسب نوع الأسلحة التي تستخدمها الجيوش المتحاربة، فالمتتبع لسير الحروب في الشرق الأقصى في السنوات الأخيرة مثلًا، يلاحظ أن الجيوش الأمريكية المجهزة بالطائرات والأسلحة الثقيلة تفضل عادة القيام بعمليات الغزو والهجوم في الأشهر التي تقل في أثنائها الأمطار والتقلبات الجوية، حتى يسهل استخدام الطائرات والعربات والدبابات في الميدان، بينما يفضل المجاهدون الوطنيون الأشهر الممطرة للقيام بمثل هذه العمليات؛ لأنهم -على الأقل في الوقت الحاضر- أقل من الدول الاستعمارية اعتمادًا على الطائرات والدبابات في حروبهم وذلك إلى جانب أنهم يكونون في هذه الأشهر أقل تعرضًا لهجمات هذه الأسلحة، من القوات الأمريكية.