أوروبا، فالقمح يعتبر من النباتات التي تحتاج -لكي يتم نضجها- إلى فترة جفاف قبل الحصاد وإلا فسد المحصول وقل الإنتاج.
ولئن كان الإنسان قد عجز عن أن يعدل الظروف المناخية على حسب رغباته، فإنه لم يعجز تمامًا في أن يتحايل عليها بوسائله الخاصة، فقد استطاع مثلًا أن ينقل زراعة غلة من الغلات، ولو على نطاق ضيق، إلى مناطق لم تكن تصلح لها من قبل، وذلك باستنبات فصائل وأنواع جديدة تكون أقدر على تحمل بعض الظروف المناخية التي تتحملها الفصائل والأنواع الأصلية، فقد أمكن مثلًا استنبات فصائل كثيرة من الذرة يصلح كل منها لنوع معين من أنواع المناخ، ومن هذه الفصائل ما يصل ارتفاع نباته إلى سته أمتار ويحتاج لنموه ونضجه إلى ما بين عشرة أشهر وأحد عشر شهرًا1، وهذه الفصائل هي التي يمكن زراعتها في المناطق الحارة، التي لا ينخفض متوسط درجة الحرارة فيها في أي شهر من شهور السنة انخفاضًا يضر النبات أو يوقف نموه، وإلى جانب ذلك استنبتت أنواع من الذرة لا يكاد يصل ارتفاعه إلى ثلاثة أرباع المتر، ولا تحتاج لنموها إلى أكثر من ثلاثة أشهر، ومثل هذه الأنواع تزرع غالبًا في المناطق الباردة نسبيًّا حيث يكون الفصل الدافئ الذي يستطيع النبات أن ينمو خلاله قصيرًا، كما هي الحال في بعض مناطق وسط أوربا وأمريكا الشمالية.
ومن أنواع الذرة أيضًا نوع يزرعه الهنود منذ زمن طويل في جنوب غرب أمريكا الشمالية، وهذا النوع لا يحتاج إلا إلى كميات قليلة جدًّا من الماء، ولهذا فإنه يمكن أن يجود في المناطق التي لا تكفي موارد المياه فيها لزراعة الأنواع الأخرى من الذرة، وتغرس بذور هذا النوع عادة في التربة على عمق لا يقل عن قدم واحد من سطح الأرض، وذلك حتى يمكنها أن تستفيد من الرطوبة الموجودة في الأجزاء السفلى من التربة، ويا حبذا لو جربت زراعته في بعض المناطق شبه الصحراوية في الوطن العربي، كما هي الحال في المناطق.