على الأخوة الإيمانية، وتبادل الآراء والأفكار، واستماع الحكم ومدارك الاستنباط والاجتهاد من ذويها، على هذا جرى أئمة الحديث، وقادة الروايات، الذين جمعوا ما جمعوا لدلالة الأمَّة على هدي نبيها وسُنَّة رسولها - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أقواله وأفعاله، حتى أصبحت مرجع الفروع والأحكام، ومعوَّل الأئمة الأعلام.
إنَّ تخريج أئمة السُنَّةِ وحفاظ الهدي النبوي - حديث من نُبِذُوا بالابتداع على طبقاتهم - فيه حكمة بليغة، وفائدة عظيمة، ألا وهي النهم بالعلم، والسعي وراءه والجد في طلبه، والتنبه لحفظه من الضياع، وسن نبذ التعصب، والتشيع والتحزب، والتقاط الحكمة من أي قائل. قال حافظ المغرب الإمام ابن عبد البر في كتاب " جامع العلم وفضله " في (باب جامع في الحال التي تنال بها العلم) ما مثاله:
وروينا عن علي - رَحِمَهُ اللهُ - أنه قال في كلام له: «العلم ضالة المؤمن، فخذوه ولو من أيدي المشركين، ولا يأنف أحدكم أنْ يأخذ الحكمة مِمَّن سمعها منه». وعنه أيضًا أنه قال: «الحكمة ضالة المؤمن يطلبها ولو في أيدي الشرط». اهـ، فأئمة الحديث رأوا أنَّ السُنَّة من الحكمة بل هي الحكمة - في تفسير الإمام الشافعي كما أوضح ذلك في " رسالته "