أراح الله من تعرضه، وصان عراض الأعراض من تعرضه، يقصد بذلك أهل الدين، والقراء المجودين:
جَرَحْتَ الأَبْرِيَاءَ فَأَنْتَ قَاضٍ * ... * ... * عَلَى الأَعْرَاضِ بِالأَغْرَاضِ ضَارِي
أَلَمْ تَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ عَادِلٌ * ... * ... * (وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ)
هذا بعض ما جاء في رسالة الإمام ابن الوردي التي هي أشبه بمقامة بديعية، وكلها حقائق صادقة ناطقة بما كان عليه تعصب قضاة ذلك الوقت، ولا سيما المالكية منهم، ولقد كان قضاة المذاهب يحيلون الأمر في التعزير والتأديب إلى القاضي المالكي لما اشتهر في الفقه المالكي من مضاعفة النكال، وشدة التأديب في باب التعزير؛ إذ بسط للقاضي يده فيه بسطًا لم يوجد في مذهب غيره، فلذا كان محبو الانتقام والتشفي يعمدون إلى إحالة القضية إلى القاضي المالكي لما يعلمون ما وراء قضائه، مِمَّا فصل بعضه الإمام ابن الوردي كما قرأت، على أن الأمر في التعصب لم يقف عند القاضي المالكي وحده لنتعصب ضده، وإنما كان هو الأقوى تعصبًا والأشد تصلبًا، وإلا فإن مظهر ذاك العصر كان التعصب لجميعهم، فقد حكى الشيخ الشعراني - رَحِمَهُ اللهُ - تعالى في مقدمة " طبقاته الكبرى " المسماة بـ " لواقح الأنوار "