البحث في الرُوَّاةِ المجتهدين الثقات المتقنين الذين ما نبذ السلف مرويهم لرأي رأوه أو مذهب انتحلوه، فهل كان المُخَلَّفُونَ كذلك؟ وما المناسبة بين قوم هجرهم النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لذنب محقق اعترفوا به حتى تيب عليهم، وقوم لا يرون ما هم عليه إلا طاعة وعقدًا صحيحًا يدان الله به، وتنال النجاة والزلفى بسببه؟ فالإنصاف يا أولي الألباب الإنصاف، وحذار من الجري وراء التعصب والاعتساف.
غريب أمر المُتَعَصِّبِينَ وَالغُلاَةِ الجَافِينَ، تراهم سراعًا إلى التكفير والتضليل والتفسيق والتبديع، وإن كان عند التحقيق لا أثر لشيء من ذلك إلا ما دعا إليه الحسد، أو حمل عليه الجمود وضعف العلم، وجهل مشرب البخاري ومسلم، وأصحاب المسانيد والسنن هداة الأمة، ولا قوة إلا بالله.
قال بعض علماء الاجتماع: يختلف فكر عن آخر باختلاف المنشأ والعادة والعلم والغاية، وهذا الاختلاف طبيعي في الناس، وما كانوا قط متفقين في مسائل الدين والدنيا، ومن عادة صاحب كل فكر أن يحب تكثير سواد القائلين بفكره، ويعتقد أنه يعمل صَالِحًا وَيُسْدِي معروفًا وينقذ من جهالة وَيَزَعُ عن ضلالة، ومن العدل أن لا يكون الاختلاف دَاعِيًا للتنافر ما