يعصمهم من الظلم إلا العجز، ولا أقول العوام بل العلماء، كانت أيدي الحنابلة مبسوطة في أيام ابن يونس، فكانوا يستطيلون بالبغي على أصحاب الشافعي في الفروع حتى ما يمكنوهم من الجهر بالبسملة والقنوت - وهي مسألة اجتهادية - فلما جاءت أيام النظام، ومات ابن يونس وزالت شوكة الحنابلة، استطال عليهم أصحاب الشافعي استطالة السلاطين الظلمة، فاستعدوا بالسجن، وآذوا العوام بالسعايات والفقهاء بالنبذ بالتجسيم، (قال): «فتدبرت أمر الفريقين، فإذا بهم لم تعمل فيهم آداب العلم، وهل هذه إلا أفعال الأجناد يصولون في دولتهم، ويلزمون المساجد في بطالتهم». اهـ.
ولدينا من القصص في عجائب ما روى التاريخ من التعصب ما لا يسعنا إلا إمساك القلم عن نشره إبقاء على هذه البقية الباقية، وفي الإشارة ما يغني عن الكلم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكل ذلك من التفرق الذي نهى عنه الدين لما يستتبعه من الإزراء التي تعمل في أساسه المتين، ويكفي ما جنت وتجني الأُمَّةُ من ويلاته إلى هذا الحين، حتى فشلت وذهب ريحها أمام أعدائها الكافرين، والمستعان بالله.
يقول بعضهم: إنَّ مُسْلِمًا روى عن ابن عباس أنه قال في