1- في هذه الآية الكريمة فن من فنون البلاغة يعرف بفن التجريد، وهو أن ينتزع المتكلم من أمر ذي صفة أمرا آخر بمثاله فيها، مبالغة لكمالها فيه، كأنه أبلغ من الاتصاف بتلك الصفة. وهو هنا في قوله «من» الجارّة.
1- في هذه الآية فائدتان حريتان بالتنويه:
أولا: «وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ» هذه اللام في كلمة «لفي» هي اللام الفارقة، وأصلها لام الابتداء، وإنما سميت الفارقة لأنها تفرق ما بين «إن» المخففة من الثقيلة وبين إن النافية، مثل «وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ» فإذا دخلت «إن» على الفعل أهملت وجوبا. والأكثر أن يكون الفعل ماضيا ناسخا كقوله تعالى: وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ. وقد يكون مضارعا ناسخا نحو «إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ» . ودون ذلك أن يكون ماضيا غير ناسخ. وأقل منه أن يكون مضارعا غير ناسخ، ولا يقاس عليه بالإجماع نحو «إن يرينك لنفسك» .
ثانيا: في الآية فنّ التجريد وهو أن ينتزع المتكلم من نفسه آخر يمثله في القدرة أو غيرها كقول شوقي:
قم ناج جلّق وأنشد رسم من بانوا ... مشت على الرسم أحداث وأزمان
وكثيرا ما يلجأ الشعراء إليه في مطلع القصائد.
أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)
(الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ (الواو) استئنافيّة (لمّا) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط مبنيّ في محلّ نصب متعلّق