- رضا الرب ورضا العبد:
قال العلماء: الرضا ينقسم إلى قسمين: رضا به، ورضا عنه. فالرضا به أن يكون ربّا ومدبّرا. والرضا عنه فيما يقضي ويدبر. قال السري: إذا كنت لا ترضى عن الله فكيف تسأله الرضا عنك، وقيل: رضي أعمالهم ورضوا عنه بما أعطاهم من الخير والكرامة.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم) لأبيّ بن كعب: إن الله أمرني أن أقرأ عليك (لم يكن) . قال: وسماني؟ قال: نعم، فبكى.
وفي رواية البخاري، أن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) قال لأبي بن كعب: إن الله أمرني أن أقرئك القرآن. قال:
الله سماني لك؟ قال: نعم قال: وقد ذكرت عند رب العالمين؟ قال: نعم قال:
فذرفت عيناه،
أما بكاء أبيّ فإنه بكى سرورا أو استصغارا لنفسه، أما تخصيص هذه السورة بالقراءة فإنها مع وجازتها جامعة لأصول وقواعد ومهمات عظيمة، وأما الحكمة في أمر النبي (صلّى الله عليه وسلّم) بالقراءة على أبيّ، فهي أن يتعلم أبيّ القراءة من ألفاظه صلى الله عليه وسلم، وضبط أسلوب الوزن المشروع وقدره، فكانت قراءته على أبيّ ليتعلم أبيّ منه لا ليتعلم هو من أبيّ، وقيل: إنما قرأ على أبيّ ليتعلم غيره التواضع والأدب، وأن لا يستنكف الشريف صاحب الرتبة العالية أن يتعلم القرآن ممن هو دونه، وفيه تنبيه على فضيلة أبيّ والحث على الأخذ عنه وتقديمه في ذلك، فكان كذلك بعد النبي (صلّى الله عليه وسلّم) رأسا وإماما في القراءة وغيرها، وكان أحد علماء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.