ومن المدونة قال مالك: وإن سمع السلطان رجلاً يقذف رجلاً لم يجز فيه عفو الطالب. قال ابن القاسم: وذلك إن كان مع السلطان شهود غيره. قال مالك: إلا أن يريج المقذوف ستراً، مثل أن يخاف أن يثبت ذلك عليه إن لم يعف عنه. قيل لمالك: وكيف يعرف ذلك؟ قال: يِسأل الإمام عن ذلك سراً، فإن أخبر أن ذلك أمر قد سمع أجاز عفوه.
وقد روى عن مالك أنه قال: يجوز عفوه وإن لم يرد ستراً، وأما في الأب فيقيل عفوه فيه على كل حال.
فصل [5 - في منع الحاكم أن يحكم بعلمه وجواز شهادته عند غيره]
قال مالك: وإذا أقر أحد الخصمين عند القاضي بشيء وليس عنده أحد ثم يعود إليه فيجحد ذلك الإقرار فإنه لا يقضي عليه بذلك إلا ببينة سواه، فإن لم يكن عنده بينة رفع ذلك إلى من هو فوقه وكان شاهداً، وكذلك ما اطلع عليه من حدود الله، أو رأى من غضب، أو سمع من قذف، فليرفعه إلى من فوقه، ويكون شاهداً، وفرق أهل العراق بين الحدود والإقرارات، وقالوا: يحكم من الإقرارات بما سمع في ولايته