قال ابن الجوزي: وكان أحمد ينهى عن كتابة كلامه، فنظر اللَّه إلى حسن قصده، فنقلت ألفاظه، وحفظت، فقل أن تقع مسألة إلا وله فيها نص من الفروع والأصول، وربما عدمت في تلك المسألة نصوص الفقهاء الذين جمعوا وصنفوا.
سبق أن أشرنا لنهي الإمام أحمد عن كتابة فتاويه؛ حبًا في التمسك بالأثر وكراهة لتأليف الكتب التي تحتوي على الرأي والتفريعات الفقهية، وكان ينصح أصحابه بذلك.
قال عثمان بن سعيد: قال لي أحمد بن حنبل: لا تنظر في كتب أبي عبيد، ولا فيما وضع إسحاق، ولا سفيان، ولا الشافعي، ولا مالك، وعليك بالأصل (?).
قال ابن الجوزي: كان الإمام أحمد لا يرى وضع الكتب، وينهى أن يكتب كلامه ومسائله، ولو رأى ذلك لكانت له تصانيف كثيرة، ولنقلت عنه كتب، فكانت تصانيفه المنقولات (?).
ولقد تعجب ولده عبد اللَّه من هذا الموقف؛ فقال: قلت لأبي: لم كرهت وضع الكتب، وقد عملت "المسند"؟ فقال: عملت هذا الكتاب إمامًا، إذا اختلف الناس في سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجع إليه (?).
وجواب الإمام يوضح لنا سبب النهي، وهو أن النهي عن كتابة كتب الرأي أو الفتاوى، لا عن كتابة السنة والأثر.