وقال أحمد بن سعيد الرازي: ما رأيت أسود رأس أحفظ لحديث رسول اللَّه ولا أعلم بفقهه ومعانيه من أحمد.
وروى ابن الجوزي عن عبد اللَّه بن أحمد قال: سمعت أبي يقول: قال لي الشافعي: أنتم أعلم بالحديث منا فإذا صح الحديث فقولوا لنا حتى نذهب إليه (?).
قال الإمام أبو الوفاء علي بن عقيل الحنبلي البغدادي: ومن عجيب ما نسمعه عن هؤلاء الجهال أنهم يقولون أحمد ليس بفقيه لكنه محدث، وهذا غاية الجهل؛ لأنه قد خرج عنه اختيارات بناها على الأحاديث بناء لا يعرفه أكثرهم، وخرج عنه من دقيق الفقه ما ليس نراه لأحد منهم، وانفرد بما سلموه له من الحفظ وشاركهم وربما زاد على كبارهم، ثم ذكر ابن عقيل مسائل دقيقة مما استنبطه الإمام.
ثم قال: ومما وجدنا من فقه الإمام أحمد ودقة علمه أنه سُئل عن رجلٍ نذر أن يطوف بالبيت على أربع؟ قال: يطوف طوافين ولا يطوف على أربع. فانظروا إلى هذا الفقه كأنه نظر إلى المشي على أربع فرآه مثله وخروجا عن صورة الحيوان الناطق إلى التشبيه بالبهائم، فصانه وصان البيت والمسجد عن الشهرة، ولم يبطل حكم القضية في المشي على اليدين، بل أبدلها بالرجلين اللتان هما آلة المشي.
ثم قال: ولقد كانت نوادر أحمد نوادر بالغة في الفهم إلى أقصى طبقة.
قال: ومَنْ هذا فقهه واختياراته لا يحسن بالمنصف أن يغض منه في هذا العلم وما يقصد هذا إلا مبتدع قد تمزق فؤاده من خمول كلمته وانتشار علم أحمد حتى إن أكثر العلماء: يقولون أصلي أصل أحمد، وفرعي فرع فلان،