قال ابن بدران: أما شرع من قبلنا فإنه يجوز أن يتعبد نبي بشريعة نبي قبله عقلا لأنه ليس بمحال ولا يلزم منه محال وكان نبينا صلى اللَّه عليه وسلم قبل البعثة متعبدا في الفروع بشرع من قبل عند القاضي والحلواني، وأومأ إليه أحمد، واختار ابن عقيل والمجد أنه كان متعبدا بشريعة إبراهيم عليه السلام ولم يكن صلى اللَّه عليه وسلم على ما كان عليه قومه.
قال حنبل: قال أحمد: من زعم أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان على دين قومه، فهو قول سوء، أليس كان لا يأكل ما ذبح على النصب؟ !
وبعد البعثة تعبد بشرع من قبله.
ونقل في "التحرير" هذا القول عن أحمد والشافعي وأكثر أصحابهما والحنفية والمالكية (?)، ومن ثم كان شرع من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخ عند أكثر أصحابنا وغيرهم.
قال القاضي وغيره: بمعنى أنه موافق لا متابع انتهى.
وخلاصة الأمر: أن جمهور الحنابلة يرجحون أن شرع من قبلنا شرع لنا إما بكتاب أو بخبر الصادق أو بنقل متواتر فأما الرجوع إليهم أو إلى كتبهم فلا، وقال الشيخ تقي الدين وغيره ويثبت أيضا بأخبار الآحاد عن نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- (?).
الحنابلة يلاحظون العرف في كثير من فتاواهم وأحكامهم، وبخاصة في باب المعاملات، لأنهم يتوسعون فيها، ويعتبرون المعاني والمقاصد، ولا يقفون عند الألفاظ فقط، وفي صيغ العقود ينظرون كثيرا إلى ما تعارف