نقل القاضي أبو يعلى عن الإمام أحمد رحمه اللَّه، أنه أطلق القول في الاستحسان في مسائل وذكر منها:
أ- قوله في رواية صالح في المضارب: إذا خالف فاشترى غير ما أمره به صاحب المال: فالربح لصاحب المال، ولهذا أجرة مثله إلا أن يكون الربح يحيط بأجرة مثله فيذهب، وكنت أذهب إلى أن الربح لصاحب المال، ثم استحسنت.
ب- قوله في رواية الميموني: استحسن أن يتيمم لكل صلاة، ولكن القياس أنه بمنزلة الماء، حتى يحدث، أو يجد الماء.
ج- قوله في رواية المروذي: يجوز شري أرض السواد، ولا يجوز بيعها.
فقيل له: كيف يشتري ممن لا يملك؟ فقال: القياس كما تقول، ولكن هو استحسان، واحتج بأن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رخصوا في شراء المصاحف، وكرهوا بيعها. هذا يشبه ذلك.
ثم قال القاضي أخيرًا عن الاستحسان: إنه حجة، وإنه أولى القياسين، إلا أنهم استحسنوه ليفصلوا بهذِه التسمية بينه وبين ما لم يكن معدولًا إليه لكونه أولى مما عُدل عنه (?).
قال ابن قدامة: القول بالاستحسان مذهب أحمد رحمه اللَّه، وهو أن تترك حكمًا إلى حكم هو أولى منه، وهذا مما لا ينكر، وإن اختلفت تسميته، فلا فائدة في الاختلاف في الاصطلاحات مع الاتفاق في المعنى (?).