مسألة ميراث الأخوة الأشقاء، أو لأب مع أبي الأب، فإنهم اختلفوا في ذلك على أقوال، فأبو بكر اعتبر أبا الأب كالأب يحجب الأخوة، وزيد اعتبره كأخ بشرط ألا يقل عن الثلث، وعلي اعتبره كالأخ بشرط ألا يقل عن السدس، وهكذا.
أما في المرتبة الأولى، فإنه يأخذ بقول الصحابي، ولا يسمى ذلك إجماعًا خلافًا للحنفية، وقد وافق في ذلك الشافعي، ومن أمثال ذلك أخذه برأي أنس في قبوله شهادة العبد. فاعتبره أحمد قولا واحدًا لا يعلم خلافه.
وأما المرتبة الثانية، فإنه قد اختلف النقل عن أحمد فيها، فقيل إنه يعتبر أقوالهم جميعًا، وتعتبر تلك الأقوال أقوالا له، فيكون في المسألة عنده قولان، أو ثلاثة على حسب اختلاف أقوال أولئك، وذلك لأنه يتحرج من أن يقدم برأيه بعض هذِه الأقوال على بعض، إذ كلهم من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ملتمس نورًا وهداية، وهم الذين شاهدوا التنزيل، وعاينوا الرسول، وساعة مع الرسول أخير من اجتهاد سنين (?).
قال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ: قيل لأبي عبد اللَّه: يكون الرجل في قومه فيسأل عن الشيء فيه اختلاف؟ قال: يفتي بما وافق الكتاب والسنة، وما لم يوافق الكتاب والسنة أمسك عنه. قيل له: أفيجاب عليه؟ قال: لا. (?)
وهذِه الرواية تتفق مع المنصوص عليه في رسالة الشافعي رضي اللَّه عنه، فإنه كان يتخير من أقوال الصحابة ما يجده أقرب إلى النصوص، كما اختار من أقوال الصحابة في المسألة ميراث الإخوة على الجد الصحيح قول زيد ورجحه بالقياس الفقهي، وقرر أنه لولا الأقوال المأثورة لكان يقتضي