وهذا أيضًا ظنّ سيِّئ؛ لأن أبا عبد اللَّه في علمه ومعرفته لم يكن يصرّح بأنها لا تحصن.
وقد قال مع توقّفه: إن أحكامها كلها أحكام المسلمة إلَّا في الميراث.
وأما المعنى الآخر: فلا شك أن أبا بكر المروذي غلط في المسألة الثانية؛ لأن المسألتين الأولتين اللتين حكاهما عن أبي عبد اللَّه فيهما مقنع من أن يحكى عن أبي عبد اللَّه أنها تحصن أو لا تحصن، وتركها فلم يذكرها كان مصيبًا -إن شاء اللَّه تعالى- ولكنه كان عنده أنه قد سمع من أبي عبد اللَّه.
والغلط والسهو يلحق أهل العلم، ولم يخل أحد من أهل العلم ممّن تقدم أن يذكر عنهم الغلط والخطأ، وكذلك فيما ذكر هو وأصحابه عن أبي عبد اللَّه من بيان الإحصان عنه عن ذكر هذِه المسألة، أو أن يحتجّ أحد عنه سمع غلطًا أو غيره.
وقال: أخبرني الحسن بن أحمد بن المثنى الكندي قال: حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: قال أبي: قال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: رجم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يهوديًّا ويهودية.
وقال البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: رَجَمَ يَهُودِيًّا وَقال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي أَوَّلَ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً قَدْ أَمَاتُوهَا".
قال أبي: وفي حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قد رآها زوجة أحصنته وهم أهل الكتاب، فهي للمسلم أحرى أن تحصنه، والحكم فيهم وفينا سواء بفعله -صلى اللَّه عليه وسلم- أن رجمها فهي في كل أمرها بمنزلة المسلمة فهي سواء.
واللعان بينها وبين زوجها. قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6].