القرية التي هي بجنبها جبلًا كانَ أو أرضًا؛ لأنَّ الأرضَ التي لا يعلُوهَا الماءُ وإنْ نسبتْ إلَى قرية، أو قيل مفازة كورة، كنحو مفازة آمل أو مفازة كرمان، أو ما أَشْبَهَهُما، فإنَّ مَنْ أحيَا مِنْها فهو مباحٌ لَهُ إِذَا لمْ يكنْ يعرض لها متعرضٌ قَبْلُ فأحْيَاهَا، فإنَّ الذي يحيي مثلَ هذِه المواتِ فقدْ مَلَكَ الرقبةَ، ولا يكونُ إحياءُ المواتِ إلَّا بأنْ يحوطَ عليها حائطًا أو يجعلَ حواليها المسنيات كنحو الحيطانِ، أو يكون زرعها الذي أحياها كلها، أو كريها فهذا الإِحياءُ الذي قَدْ عرفْنَا؛ لأنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ أحيَا أرضًا مواتًا فَقدْ مَلَكَ رَقَبَتَها"، وهو الذي قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أحاطَ عَلَى أَرضٍ فَقَدْ مَلَكَهَا" (?)، فدلَّ هذا الحديثُ عَلَى معنى ما أردنا مِنْ تفسيرِ الإِحياءِ أَنَّهُ الحائط وما أشبهه، وهو الذي لا يُخْتَلفُ فِيهِ، وهوَ الحقُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عز وجل؛ لأنَّ كُلَّ أرضٍ بجنب قريةٍ أو قُرْبَهَا مما لا يعلوها ماء هذِه القرية وَاديًا كَانَ أو قناةً، فَإِنَّا قَدْ عَلِمْنَا أنهُ لمْ يُوضع عليها الخراجُ بما سنَّ عمرُ بن الخطاب رضى اللَّه عنه: أنَّ الخراجَ يُوضعُ عَلَى كلِّ أرضٍ لا يعلُوهَا الماءُ عامر وغامر (?)، وهذِه التي زَالَ عَنْها المعْنَى الذي وَصَفْنَا صارت مواتًا، وقَدْ أجمعَ عدةٌ مِنَ العلماءِ أنَّ المواتَ لا يكونُ إلَّا في أرضِ العربِ منهم المغيرةُ الضبيُّ، والأوزاعيُّ، وسفيان