قال أبو بكر: سألت أبا عبد اللَّه: عن بواري المسجد، ترى أن يقعد عليها خارج المسجد لجنازة تكون؟
قال: لا يقعد عليها خارج المسجد.
ورأيت أبا عبد اللَّه، قد جاء يعزي رجلًا، وبارية على الباب، فلم يقعد مع الناس على البارية، وقعد على التراب.
ورأيت عبد الوهاب الوراق -يوم مات سريج بن يونس- قد جاء فقام على بارية المسجد، وهي مطروحة على باب سريج، فلما أراد أن يقعد.
قال له محمد بن حاتم: إن أبا عبد اللَّه يكره أن يقعد على بارية المسجد في غير المسجد، فتنحى، وقعد على التراب.
قال أبو بكر: قلت لأبي عبد اللَّه: إني أُدعى أغسل الميت في يومٍ باردٍ، فيفضل من الماء الحار، ترى أن أتوضأ منه؟
قال: لا، ذاك قد أسخن بكلفة، كأنه ذهب إلى أمر الورثة.
سمعت موسى بن عبد الرحمن بن مهدي يقول: لما قبض عمي أغمي على أبي، فلما أفاق قال: البساط نحوه. أي: أدرجوه لعله للورثة.
سمعت ابن أبي خالد الخطاب يقول: كنت مع أبي العباس الحطاب، وقد جاء يعزي رجلًا ماتت امرأته، وفي البيت بساط، فقام أبو العباس على باب البيت، فقال: أيها الرجل، معك وارث غيرك؟ قال: نعم. قال: فما قعودك على ما لا تملك، أو كلامًا ذا معناه.
قال: فتنحى الرجل عن البساط.
وبلغني: عن ابن الضحاك صاحب بشر بن الحارث قال: كان يجيء إلى أخته حين مات زوجها، فيبيت عندها، فيجيء معه بشيء يقعد عليه، ولم ير أن يقعد على ما خلف من غلة الورثة.
"الورع" (126 - 131)