قال أبو بكر الخلال في قول أبي عبد اللَّه في مسألة أحمد بن الحسين الأولى: إن كنت تطيق، وإلا فلا فإن أطاق، وعلم أنه يقوى على ذلك، فلا يسأل ولا يستشرف نفسه؛ لأن يأخذ أو يعطى فيقبل فهو مثل المتوكل على الصدق.
سمعت أبا بكر المروذي يقول: سمعت أبا عبد اللَّه رحمه اللَّه يقول: حججت خمس حجج: ثنتين منها على قدمي، وقد كفى بعض الناس إلى مكة أربعة عشر درهمًا.
قلت: من يا أبا عبد اللَّه؟
قال: أنا فمن قدر على هذا فنعم، فأما أن يخاطر فيخرج بغير زاد، وهو لا يؤمل من نفسه هذا فقد كرهت العلماء ذلك.
وقد أنكر أبو عبد اللَّه على المتكلين في ذلك إنكارًا شديدًا.
أخبرني إبراهيم بن الخليل أن أحمد بن نصر أبا حامد حدثهم أن أبا عبد اللَّه قد سأله رجل: أيخرج إلى مكة متوكلًا لا يحمل معه شيئًا؟
قال: لا يعجبني، فمن أين يأكل؟ ! قال: يتوكل فيعطيه الناس!
قال: فإذا لم يعطوه أليس يستشرف لهم حتى يعطوه؟ لا يعجبني هذا، لم يبلغني أن أحدًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والتابعين فعل هذا، ولكن يعمل ويطلب ويتحرى.
قال أبو بكر المروذي في هذِه المسألة: إن أبا عبد اللَّه جاءه رجل من أصحاب ابن أسلم فقال: ما تقول في رجل يريد سفرًا: أيما أحب إليك يحمل معه زادًا، أو يتوكل؟
قال أبو عبد اللَّه: يحمل زادًا ويتوكل.