وشرب الخمر، وقتل النفس، وأكل المال الحرام، والشرك باللَّه، والمعاصي كلها بقضاء وقدر، من غير أن يكون لأحد من الخلق على اللَّه حجة، بل للَّه الحجة البالغة على خلقه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)} [الأنبياء: 23]، وعلم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ماض في خلقه بمشيئة منه، قد علم من إبليس ومن غيره ممن عصاه -من لدن أن عصي تبارك وتعالى إلى أن تقوم الساعة- المعصية، وخلقهم لها، وعلم الطاعة من أهل الطاعة وخلقهم لها، وكل يعمل لما خلق له، وصائر إلى ما قضي عليه وعلم منه، لا يعدو واحد منهم قدر اللَّه ومشيئته، واللَّه الفاعل لما يريد، الفعال لما يشاء.

ومن زعم أن اللَّه شاء لعباده الذين عصوه الخير والطاعة، وأن العباد شاؤوا لأنفسهم الشر والمعصية، فعملوا على مشيئتهم، فقد زعم أن مشيئة العباد أغلظ من مشيئة اللَّه تبارك وتعالى، فأي افتراء أكثر على اللَّه من هذا؟ !

ومن زعم أن الزنا ليس بقدر، قيل له: أرأيت هذِه المرأة، حملت من الزنا، وجاءت بولد، هل شاء اللَّه عز وجل أن يخلق هذا الولد، وهل مضى في سابق علمه؟ فإن قال: لا، فقد زعم أن مع اللَّه خالقًا، وهذا هو الشرك صراحًا.

ومن زعم أن السرقة، وشرب الخمر، وأكل المال الحرام ليس بقضاء وقدر فقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره، وهذا صراح قول المجوسية، بل أكل رزقه، وقضى اللَّه أن يأكله من الوجه الذي أكله.

ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر من اللَّه، وأن ذلك بمشيئته في خلقه، فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله، وأي كفر أوضح من هذا؟ ! بل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015