قال أحمد: فكان ذلك مما بصرني في أمري، وشجع به قلبي.

"الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 2/ 282 - 283 (455)

قال سلامة بن جعفر الرملي: حدثنا العباس بن مشكويه الهمذاني، قال: أدخلت على الخليفة المتكنى بالواثق أنا وجماعة من أهل العلم، فأقبل بالمسألة علي من بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين إني رجل مروع ولا عهد لي بكلام الخلفاء من قبلك.

فقال: لا تروع ولا بأس عليك، ما تقول في القرآن؟ فقلت: كلام اللَّه غير مخلوق، فقال: أشهد لتقولن مخلوقًا أو لأضربن عنقك.

قال: فقلت: إنك إن تضرب عنقي فإنك في موضع ذلك إن جرت به المقادير من عند اللَّه، فتثبت علي يا أمير المؤمنين، فإما أن أكون عالمًا فتثبت حجتي، وإما أن أكون جاهلًا فيجب عليك أن تعلمني؛ لأنك أمير المؤمنين وخليفة اللَّه في أرضه، وابن عم نبيه.

فقال: أما تقرأ: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} [القمر: 49]، {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)} [الفرقان: 2]. قلت: يا أمير المؤمنين! الكلية في كتاب اللَّه خاص أم عام؟ قال: عام. قلت: لا، بل خاص، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] فهل أوتيت ملك سليمان عليه السلام؟

فحذفني بعمود كان بين يديه، ثم قال: أخرجوه فاضربوا عنقه. فأخرجت إلى قبة قريبة منه، فشد عليها كتافي، فناديت: يا أمير المؤمنين، إنك ضارب عنقي وأنا متقدمك، فاستعد للمسألة جوابًا.

فقال: أخرجوا الزنديق وضعوه في أضيق المحابس.

فأخرجت إلى دار العامة، فإذا أنا بابن أبي دؤاد يناظر الناس على خلق القرآن، فلما نظر إلي قال: يا خرمي!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015