وقال حذيفة بن اليمان -وكان من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اتقوا اللَّه معشر القراء، وخذوا طريق من كان قبلكم، واللَّه لئن استقمتم لقد سبقتم سبقًا بعيدًا، ولئن تركتموه يمينا وشمالًا لقد ضللتم ضلالًا بعيدًا، أو قال: مبينًا (?).
قال أبي رحمه اللَّه: وإنما تركت ذكر الأسانيد لما تقدم من اليمين التي حلفت بها -مما علمه أمير المؤمنين- لولا ذلك لذكرتها بأسانيدها.
وقد قال اللَّه جل ثناؤه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ} [التوبة: 6].
وقال: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] فَأخبر بالخلق ثم قال: {وَالأَمْرُ}. فأخبر أن الأمر غير مخلوق.
وقال عزَّ وجلَّ: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 1 - 4].
فأخبر تبارك تعالى أن القرآن من علمه.
وقال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120].
وقال: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145].