77 - باب: الرؤية

فصل: مناظرة الإمام للجهمية في النظر إلى وجه اللَّه يوم القيامة

قال الإمام أحمد رحمه اللَّه: فقلنا لهم: لم أنكرتم أن أهل الجنة ينظرون إلى ربهم؟ فقالوا: لا ينبغي لأحد أن ينظر إلى ربه؛ لأن المنظور إليه معلوم موصوف، لا يرى، إلا شيء يفعله. فقلنا: أليس اللَّه يقول: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22 - 23].

فقالوا: إن معنى {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} أنها تنتظر الثواب من ربها، وإنما ينظرون إلى فعله وقدرته؛ وتلوا آية من القرآن: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ}، فقالوا: إنه حين قال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ} [الفرقان: 45] إنهم لم يروا ربهم، ولكن المعنى: أَلَمْ تَرَ إِلَى فعل رَبِّكَ. فقلنا: إن فعل اللَّه لم يزل العباد يرونه، وإنما قال: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)}.

فقالوا: إنما تنظر الثواب من ربها.

فقلنا: إنها مع ما تنتظر الثواب هي ترى ربها.

فقالوا: إن اللَّه لا يُرى في الدنيا ولا في الآخرة.

وتلوا آية من المتشابه من قول اللَّه جل ثناؤه: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)} [الأنعام: 103]. وقد كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعرف معنى قول اللَّه: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} وقال: "إنكم سترون ربكم" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015